بقين من المحرّم، ومبلغه سبعة عشر ألف ألف درهم وخمسمئة ألف درهم.
* * *
[ذكر الخبر عن خروج العامة على المهتدي](١)
فلما كان يوم السبت انتشر الخبر في العامهّ أنّ القوم على أن يخلعوا المهتدي، ويفتكوا به، وأنهم أرادوه على ذلك، وأرهقوه، وكتبوا الرقاع وألقوْها في المسجد الجامع والطرقات؛ فذكر بعض من زعم أنه قرأ رقعة منها فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا معشرَ المسلمين، ادعوا الله لخليفتكم العدْل الرضيّ المضاهي لعمر بن الخطاب أن ينصرَه على عدّوه، ويكفيه مؤنة ظالمِه، ويتمّ النعمة عليه وعلى هذه الأمة ببقائه؛ فإن المواليَ قد أخذوه بأن يخلع نفسه وهو يعذَّب منذ أيام، والمدبّر لذلك أحمد بن محمد بن ثوابة والحسن بن مَخْلَد، رحِم الله من أخلص النّية ودعا وصلى على محمد - صلى الله عليه وسلم -!
فلما كان يوم الأربعاء لأربع خلْون من صفر من هذه السنة، تحرّك الموالي بالكرْخ والدّور، ووجّهوا إلى المهتدي على لسان رجل منهم يقال له عيسى: إنّا نحتاج أن نلقي إلى أمير المؤمنين شيئًا، وسألوا أن يوجّه أمير المؤمنين إليهم أحد إخوته، فوجّه إليهم أخاه عبد الله أبا القاسم، وهو أكبر إخوته، ووجّه معه محمد بن مباشر المعروف بالكرخيّ، فمضيا إليهم، فسألاهم عن شأنهم، فذكروا أنهم سامعون مطيعون لأمير المؤمنين، وأنه بلغهم أن موسى بن بغا وبايكباك وجماعة من قوّادهم يريدونه على الخلع، وأنهم يبذلون دماءهم دون ذلك، وأنهم قد قرؤوا يذلك رقاعًا ألْقِيَتْ في المسجد والطرقات، وشكوا مع ذلك سوء حالهم، وتأخُّر أرزاقهم، وما صار من الإقطاعات إلى قوّادهم التي قد أجحفت بالضياع والخراج، وما صار لكبرائهم من المعاون والزّيادات من الرسوم القديمة مع أرزاق النساء والدّخلاء الذين قد استغرقوا أكثر أموال