وإذا عبد الملك بن مروان [بن محمد] قد وثب على عامل الوليد بالجزيرة، فأخرجه منها، ووضع الأرصاد على الطريق، فتركت البُرد، واستأجرت دابّة ودليلًا، فقدمت على يزيد بن الوليد [٧/ ٢٨١ - ٢٨٤].
* * *
[ذكر الخبر عن عزل منصور بن جمهور عن العراق]
وفي هذه السنة عزل يزيد بن الوليد منصورَ بن جمهور عن العراق، وولّاها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان.
* ذكر الخبر عن ذلك:
ذُكِر عن يزيد بن الوليد أنه قال لعبد الله بن عمر بن عبد العزيز: إن أهل العراق يميلون إلى أبيك فسرْ إليها فقد ولّيتُكها؛ فذكر عن أبي عبيدة، قال: كان عبد الله بن عمر متألّهًا متألمًا، فقدّم حين شخص إلى العراق بين يديه رُسلًا وكتبًا إلى قوّاد الشام الذين بالعراق، وخاف ألّا يسلِّم له منصور بن جمهور العمل، فانقاد له كلهم، وسلّم له منصور بن جمهور، وانصرف إلى الشام، ففرق عبد الله بن عمر عماله في الأعمال، وأعطى الناسَ أرزاقهم وأعطياتهم؛ فنازعه قوّاد أهل الشام، وقالوا: تقسم على هؤلاء فيئنَا وهم عدوّنا! فقال عبد الله لأهل العراق: إني قد أردتُ أن أردّ فيئكم عليكم، وعلصت أنكم أحقّ به؛ فنازعني هؤلاء فأنكروا عليّ.
فخرج أهل الكوفة إلى الجبّانة، وتجمَّعوا، فأرسل إليهم قوّاد أهل الشام يعتذرون وينكرون، ويحلفون أنهم لم يقولوا شيئًا مما بلَغهم، وثار غوغاء الناس من الفريقين، فتناوشوا، وأصيب منهم رهط لم يُعرفوا وعبدُ الله بن عمر بالحيرة، وعبيد الله بن العباس الكنديّ بالكوفة؛ قد كان منصور بن جمهور استخلفه عليها فأراد أهل الكوفة إخراجه من القصر، فأرسل إلى عمر بن الغضبان بن القبعثريّ، فأتاه فنحَّى الناس عنه، وسكّنهم وزجر سفاءهم حتى تحاجزوا، وأمن بعضهم بعضًا، وبلغ ذلك عبد الله بن عمر، فأرسل إلى ابن الغَضْبان، فكساه وحَمله، وأحسن جائزته، وولَّاه شُرَطه وخراج السواد