للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والله لقد كنتُ أنهاك عن هذا، أما والله إن كنت ما علمتُ صوَّامًا قوّامًا وصولًا للرحم، أما والله لأمةٌ أنت أشرها لأمة خير". [صحيح مسلم / فضائل الصحابة (ح ٢٥٤٥)].

هل كان ابن الزبير بخيلًا؟
قلنا: لقد عهدنا الإمام الذهبي محدثًا ناقدًا يبين الروايات التاريخية المكذوبة ولكن أحيانًا يختفي هذا الحس النقدي عند الذهبي رويدًا رويدًا كلما تقدم في الحوليات، وكذلك فعل الحافظ ابن كثير؛ إلَّا أن الثاني انتقد الروايات التاريخية وناقش المتون واختار الروايات الصحيحة أكثر من الحافظ الذهبي رحمه الله.
[هذا ما لاحظناه أثناء تحقيقنا لتاريخ الطبري].
ونحن نرى والله أعلم أن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير مظلومٌ تاريخيًا فعلى سبيل المثال لا الحصر نرى إمامًا حافظًا كالذهبي يصف ابن الزبير ببخل ظاهر ثم يذكر روايتين للاستدلال على بخله فيقول:
"وكان في ابن الزبير بخل ظاهر مع ما أوتي من الشجاعة". [تاريخ الإسلام سنة ٦١ - ٨٠ هـ (٤٤٤)].
والرواية الأولى التي ذكرها الذهبي كالآتي:
قال الثوري: عن عبد الملك بن أبي بشير: عن عبد الله بن مساور قال: سمعت ابن عباس يعاتب ابن الزبير في البخل ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع" [تاريخ الإسلام (٣/ ٤١٤)]. وانظر تاريخ دمشق (٨/ ٤٥٦) والبداية والنهاية.
قلنا: وعبد الله بن مساور هذا الذي يروي عن ابن عباس مجهول كما قال ابن أبي حاتم والذهبي، فكيف نبني على رواية المجهول بخل ابن الزبير؟
الرواية الثانية: من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي: عن ليث بن أبي سليم قال: كان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل. [تاريخ الإسلام (٣/ ٤٤٤)].
قلنا: وليث بن أبي سليم هذا ضعفه جمهور أئمة الجرح والتعديل واختلط اختلاطًا شديدًا أدى إلى ترك الرواية عنه كما قال الحافظ ابن حجر: صدوق اختلط جدًّا ولم يتميز حديثه فترك.
وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم كل ذلك منه في اختلاطه تركه يحيى القطان، وابن مهدي، وابن حنبل، وابن معين.
والحق يقال: إننا (المحققان) كنا نتمنى أن نجد إمامًا ولو واحدًا من أئمة أهل السنة والجماعة ينفي عن ابن الزبير تهمة البخل وبعد بحث وعناء وجدنا بتوفيق الله كلامًا للقاضي عياض يساوي عندنا ذهب الدنيا كلها وزيادة. فلقد قال الإمام الفاضل القاضي عياض - في شرحه =

<<  <  ج: ص:  >  >>