للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي نزل فيه حين قدمها، وعلى مَنْ كان نزوله، وقَدْر مُكْثه في الموضع الذي نزله، وخبر ارتحاله عنه. ونذكر الآن ما لم نذكرْ قبلُ ممّا كان من الأمور المذكورة في بقيَّة سنة قدومه؛ وهي السَّنه الأولى من الهجرة. فمن ذلك تجميعهُ - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه الجمُعة في اليوم الذي ارتحل فيه من قُبَاء؛ وذلك أنّ ارتحاله عنها كان يوم الجمعة عامدًا المدينة، فأدركتْه الصلاة، صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف، ببطن واد لهم -قد اتُّخذ اليوم في ذلك الموضع مسجدًا فيما بلغني- وكانت هذه الجمعة، أوّلَ جمعة جمّعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام، فخطب في هذه الجمعة، وهي أول خطبة خطبها بالمدينة فيما قيل (١) (٢: ٣٩٤).

خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أولّ جمعة جَمَّعها بالمدينة

٦٥ - حدّثني يونس بن عبد الأعْلى، قال: أخبرَنا ابنُ وهْب، قال: حدّثني سعيد بن عبد الرحمن الجُمحيّ، أنه بلغه عن خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أوّلِ جمعة صلّاها بالمدينة في بني سالم بن عوف:

الحمد لله، أحمَده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفُره، وأعادي مَنْ يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأنّ محمَّدًا عبدُه ورسوله؛ أرسله بالهُدى والنور والموعظة على فَتْرَة من الرسل، وقلَّةٍ من العلم، وضلالة من النَّاس، وانقطاع من الزمان، ودُنُوٍّ من الساعة، وقُربٍ من الأجَل؛ منْ يُطع الله وَرَسُولَه فَقَد رَشدَ، ومن يعْصهما فقد غَوَى وفَرّط، وضَلّ ضلالًا بَعيدًا، وأوصيكمُ بتقوى الله، فإنه خيرُ ما أوصَى به المسلمُ المسلمَ؛ أن يَحُضّه على الآخرة، وأن يأمرَه بتقوى الله، فاحذروا ما حذّركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرًا؛ وإنّ تقوى الله لمن عَمِلَ به على وَجلٍ ومخافة من ربّه عَوْنُ صدْق على ما تَبْغُون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السرّ والعلانية، لا ينوي بذلك إلّا وجهَ الله يكن له


(١) ذكر الطبري هذا الكلام بلا إسناد، وكذلك أخرجه ابن هشام عن ابن إسحاق بلاغًا مع اختلاف في الألفاظ (السيرة النبوية ٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>