حتَّى يصيرَ في يدْيكَ مَقسِمهْ ... هيهاتَ من مصفِّه مُنَهَزمُهْ
إنَّ أَخا الكِظاظِ من لا يسأَمُهْ
فقال الحجّاج: هذا أصدَقُ من قولِ الفاسق أعشَى هَمْدان:
نُبِّئت أنّ بُنيّ يو ... سف خرَّ من زَلَقٍ فتبَّا
قد تبيّن له من زَلِقَ وتبَّ ودحَض فانكبّ، وخاف وخابَ، وشكّ وارتاب؛ ورفع صوته فما بقي أحدٌ إلا فزِع لغضبه، وسَكت الأرَيقط، فقال له الحجّاج: عدْ فيما كنت فيه، ما لَك يا أرْقط! قال: إني جُعلت فداكَ أيّها الأمير وسلطان الله عزيز، ما هو إلا أن رأيتُك غضبتَ فأرعدَتْ خصائلي، واحزألّتْ مَفاصلي، وأظلم بَصَري، ودارت بي الأرض، قال له الحجاج: أجلْ، إنّ سلطان الله عزيز، عدْ فيما كنتَ فيه، ففعل.
وقال الحجاج وهو ذاتَ يوم يسيرُ ومعه زيادُ بن جَرير بن عبد الله البَجَليّ وهو أعوَر، فقال الحجّاج للأريقط: كيف قلتَ لابن سمُرة؟ قال: قلت:
يا أعوَر العَيْن فدَيْتُ العُورَا ... كنتَ حَسِبْت الخَنْدَقَ المحْفورا
يرُدُّ عنْك القدَرَ المقدورا ... ودائرات السَّوْء أن تَدورا
وقد قيل: إنّ مَهلك عبد الرّحمن بن محمّد كان في سنة أربع وثمانين (١).
(٦/ ٣٩٢ - ٣٩٣).
عزل يزيد بن المهلّب عن خراسان
وفي هذه السنة عَزَل الحجّاج بن يوسف يزيدَ بن المهلَّب عن خُراسان وولّاها المفضّل بن المهلّب أخا يزيد.
* ذكر السبب الذي من أجله عزله الحجاج عن خُراسان واستعمَل المفضّل:
ذَكَرَ عليّ بنُ محمد، عن المفضَّل بن محمد، أن الحجاج وَفَد إلى عبد الملك، فمرَّ في منصرَفه بدير فنزَلَه، فقيل له: إنّ في هذا الدَّيْر شيخًا من أهل الكُتُب عالمًا، فدعا به فقال: يا شيخ، هل تجدون في كُتُبكم ما أنتم فيه ونحن؟ قال:
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.