للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذُكر أنّ هارون أخا عيسى أخبر إبراهيم بما يريد أن يصنع به عيسى؛ فلمّا أخبره، بعث إليه أن يأتيَه حتى يناظره في بعض ما يريد، فاعتلّ عليه عيسى، فلم يزل إبراهيم يعيد إليه الرّسل حتى أتاه إلى قصره بالرّصافة، فلما دخل عليه حُجب الناس، وخلا إبراهيم وعيسى، وجعل يعاتبه، وأخذ عيسى يعتذر إليه مما يعتبه به، وينكر بعض ما يقول؛ فلما قرّره بأشياء أمر به فضرب. ثم إنه حبسه وأخذ عدّة من قوّاده فحبسهم، وبعث إلى منزله، فأخذ أم ولده وصبيانًا له صغارًا؛ فحبسهم؛ وذلك ليلة الخميس لليلة بقيت من شوال. وطلب خليفة له يقال له العباس فاختفى. فلما بلغ حبسُ عيسى أهلَ بيته وأصحابه، مشى بعضُهم إلى بعض، وحرّض أهلَ بيته وإخوته الناس على إبراهيم واجتمعوا؛ وكان رأسَهُم عباس خليفة عيسى، فشدُّوا على عامل إبراهيم على الجسر فطردوه، وعبرَ إلى إبراهيم فأخبره الخبر، وأمر بقطع الجسر فطردوا كلَّ عامل كان لإبراهيم في الكرخ وغيره، وظهر الفسّاق والشطار، فقعدوا في المسالح. وكتب عباس إلى حُميد يسأله أن يقدم إليهم حتى يسلموا إليه بغداد، فلمّا كان يوم الجمعة صلّوا في مسجد المدينة أربع ركعات، صلّى بهم المؤذن بغير خطبة.

* * *

ذكر خبر خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهديّ

وفي هذه السنة خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهديّ، ودعوا للمأمون بالخلافة (١).

ذكر الخبر عن سبب ذلك:

قد ذكرنا قبل ماكان من إبراهيم وعيسى بن محمد بن أبي خالد وحبْس إبراهيم إياه، واجتماع عباس خليفة عيسى وإخوة عيسى على إبراهيم، وكتابهم إلى حُميد يسألونه المصيرَ إليهم ليُسلّموا بغداد إليه؛ فذكِر أنّ حُميدًا لما أتاه


(١) لقد استغرقت أخبار إبراهيم بن المهدي وخلعه واختفائه والمعارك التي خاضها معظم أحداث سنة (٢٠٣) عند الطبري (٥٦٩ - ٥٧٣) فقد ذكره الحافظ بن كثير مختصرًا في البداية والنهاية (٨/ ١٥٠) وانظر تأريخ الإسلام للذهبي (حوادث ووفيات/ ٢٠١ - ٢١٠ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>