للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من إتلافه ما كان في بيوت أموال أبي أحمد؛ حتى لم يبقَ فيها شيء بالهبة التي كان يهب؛ والجوائز التي كان يُجيز، والخِلَع التي كان يخلع على القوّاد، وإنفاقه على القوّاد، فلما نَفد ما في بيت المال، طالب أرباب الضياع بخراج سنة مُبْهَمة عن أرضيهم، وحبس منهم بذلك جماعة؛ وكان الذي يتولى له القيام بذلك الزّغَل، فعسف على الناس في ذلك، وقدم أبو أحمد قبل أن يستوظف أداء ذلك منهم، فشُغِل عن مطالبة الناس بما كان يطالبهم به، وكان انحدار وصيف في يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من المحرم.

ولليلتين بقِيتا من المحرّم منها، طلع كوكب ذو جُمّة، ثم صارت الجمّة ذُؤابة (١).

* * *

[ذكر الخبر عن مرض أبي أحمد الموفّق ثم موته]

وفيها انصرف أبو أحمد من الجبل إلى العراق، وقد اشتدّ به وجع النّقْرس حتى لم يقدر على الركوب، فاتُّخذ له سرير عليه قبّة، فكان يقعد عليه، ومعه خادم يبرّد رجله بالأشياء الباردة، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت علّة رجله داءَ الفيل، وكان يحمل سريره أربعون حمّالًا يتناوب عليه عشرون عشرون، وربما اشتدّ به أحيانًا، فيأمرهم أن يضعوه، فذُكر أنه قال يومًا للذين يحملونه: قد ضجرتم بحملي، بودّي أني أكون كواحد منكم أحملُ على رأسي وأكلّ وأنّي في عافية، وأنه قال في مرضه هذا: أطبق دفتري على مئة ألف مرتزق، ما أصبح فيهم أسوأ حالًا مني (٢).

وفي يوم الإثنين لثلاث بقين من المحرّم منها وافى أبو أحمد النَّهروان، فتلقّاه أكثر الناس، فركب الماء، فسار في النهروان، ثم في نهر دَيَالَى، ثم في دِجْلة إلى الزعفرانيّة، وصار ليلة الجمعة إلى الفِرْك، ودخل داره يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر.


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٢٨٧).
(٢) انظر لمرض الموفّق ورجوعه إلى العراق ثم وفاته المنتظم (١٢/ ٢٨٧) و (١٢/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>