وليس في رأسه ولا وجهه مصحّ؛ فقال قحطبة: ما رأيت مثل هذا قطّ! [٧/ ٣٩١ - ٣٩٣].
وقد زعم بعضُ الناس أن خُزاعة دلت أبا حمزة على عَوْرتهم، وأدخلوهم عليهم فقتلوهم؛ وكانت المقتلة على قريش، هم كانوا أكثر الناس، وبهم كانت الشوكة، واْصيب منهم عدد كثير.
قال العباس: قال هارون: وأخبرني بعض أصحابنا أن رجلًا من قريش نظر إلى رجل من أهل اليمن وهو يقول: الحمد لله الذي أقرّ عيني بمقتل قريش، فقال لابنه: يا بنيّ ابدأ به - وقد كان من أهل المدينة - قال: فدنا منه ابنه فضرب عنقه، ثم قال لابنه: أي بنيّ، تقدم، فقاتلا حتى قتلا. ثم ورد قُلّال الناس المدينة وبكى الناس قتلاهم، فكانت المرأة تقيم على حميمها النواح، فما تبرح النساء حتى تأتيهن الأخبار عن رحالهنّ فتخرج النساء امرأة امرأة؛ كل امرأة تذهب إلى حميمها [فتنصرف] حتى ما تبقى عندها امرأة.
قال: وأنشدني أبو ضَمْرة هذه الأبيات في قَتْلَى قُديد الذين أصيبوا من قومه، رثاهم بعض أصحابهم فقال:
يا لَهفَ نَفْسي ولَهْفي غَيْرَ كاذِبَة ... على فوارِسَ بالبَطْحاء أنجادِ
* ذكر الخبر عن دخول أبي حمزة المدينة وما كان منه فيها:
حدثني العباس بن عيسى، قال: حدثنا هارون بن موسى الفروي، قال: حدثني موسى بن كثير، قال: دخل أبو حمزة المدينة سنة ثلاثين ومئة، ومضى عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام، فرقيَ المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
يا أهل المدينة؛ سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فأسأتم - لعمر الله - فيهم القول، وسألناكم: هل يقتلون بالظن؟ فقلتم لنا: نعم، وسألناكم: هل يستحلون المال الحرام والفَرْج الحرام؟ فقلتم لنا: نعم، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم نناشدهم الله إلّا تنحّوا عنا وعنكم، فقلتم: لا يفعلون، فقلنا لكم: تعالوا