وكذلك أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٣/ ١٥٦٨٩): حدثنا وكيع قال حدثنا مبارك عن الحسن قال: قال عمر لما بلغه قول خالد بن الوليد: لأنزعن خالدًا ولأنزعن المثنى حتى يعلما أن الله ينصر دينه، ليس إياهما - وإسناده مرسل صحيح.
شبهة أثارها المستشرقون والمتغربون (حول عزل خالد) والرد عليها: يقول إبراهيم البيضوني في كتابه (ملامح التيارات الساسية في القرن الأول الهجري / ٤٩) وهو يتحدث عن أسباب عزل خالد من قبل سيدنا عمر رضي الله عنهما: (ولعلّ المتتبع جيدًا لأسلوب عمر في الحكم حيث شخصيته القوية طغت على الدولة بكل مظاهرها، وحيث نزعته الإدارية كانت تعمل في اتجاه تقوية المؤسسة على حساب الزعامات الأرستقراطية والعسكرية، لا بد أن يلحظ مدى حساسية العلاقة بينه وبين الشخصيات القوية، لاسيما المتاح لها فرصًا للبروز والتألق السياسي من خلال الانتصارات الحربية التي تصنعها) وكذلك يقول بيضوني (٥٥) تعليقًا على مسألة عزل عمر لسعد بن أبي وقاص: ولعل هذا التدبير (أي عزل سعد) يأتي ليؤكد مرة أخرى موقف الخليفة عمر من القيادات المهددة أكثر من غيرها لنفوذ القيادة السياسية ولأنه كان يرفض لها المزيد من التألق والشهرة فقد لجا إلى معالجة الأمر بالتغيير، منعًا لتخفيف انتصارات متكررة للقائد الواحد، وغالبًا ما تتبع هذا النهج بعض الدول الحديثة وذلك بتحديد الفترة الزمنية للقائد العسكري خوفًا من اشتهار انتصارائه في مقارعة السلطة السياسية. اهـ. قلنا: ولو تأملنا في عبارات البيضوني هذه لوجدنا الدسَّ والافتراء والمغالطة ولكن بأسلوب محنك وخفي - والحمد لله على نعمة الإسناد فيها نردّ هذه الافتراءات وغيرها فالروايات الصحيحة التي ذكرناها في مواضع ثلاثة في تحقيقنا هذا تؤكد أن سيدنا عمر كان يريد أن يزيل من أذهان الناس شبهة تعلّق النصر بشخصية معينة وأن الله هو الناصر الحقيقي سواء كان الفائد خالدًا أم لا - ولم تكن المسألة مسألة تناحر على السلطة كما يتصور البيضوني ويقارن بين الخلافة الراشدة وبعض الدول الحديثة وشتان بين الثرى والثريا. والذي يرجع إلى الأسباب الثلاثة التي ذكرناها مؤيدة بروايات صحيحة يتبيّن له زيف هذا =