فما أَنا بالواني إذا الحربُ شَمَّرَتْ ... تَحَرَّقُ في شَطْرِ الخميسَين نارُها
ولكنَّني أَدعو لها خِندِفَ التي ... تطلَّعُ بالعِبْء الثَّقيلِ فِقارها
وما حَفظَتْ بكرٌ هنالك حِلفَها ... فصار عليها عارُ قيسٍ وعارُها
فإن تكُ بَكرٌ بالعراقِ تَنَزَّرَتْ ... ففي أَرِض مَرْوٍ عَلُّهما وأزْوِرارُها
وقد جَرَّبَت يَومَ البَروقان وقعةً ... لخِندِفَ إِذ حانَتْ وآنَ بوارُها
أتتني لِقَيْسٍ في بَجيلةَ وقعةٌ ... وقد كان قبلَ اليومِ طالَ انتظارُها
يعني حين أخذ يوسف بن عمر خالدًا وعياله.
وذكر عليّ بن محمد أن الوليد بن مسلم قال: قاتل عمرو بن مسلم نصر بن سيار فهزمه عمرو، فقال لرجل من بني تميم كان معه: كيف ترى أستاه قومك يا أخا بني تميم؟ يعيِّره بهزيمتهم، ثم كرَّت تميم فهزموا أصحاب عمرو، فانجلى الرَّهج وبلعاء بن مجاهد في جمع من بني تميم يشُلُهم، فقال التميميّ لعمرو: هذه أستاه قومي. قال: وانهزم عمرو، فقال بلعاء لأصحابه: لا تقتلوا الأسرى ولكن جَرِّدوهم، وجوبوا سراويلاتهم عن أدبارهم ففعلوا، فقال بيان العنبريّ يذكر حربهم بالبَرُوقان:
أتاني ورَحْلي بالمدينةِ وقعةٌ ... لآلِ تميمٍ أَرْجَفتْ كلَّ مُرجَفِ
تَظَلُّ عُيونُ البُرْشِ بكر بن وائِلٍ ... إذَا ذكِرَت قتلى البَرُوقانِ تَذْرفُ
هُمُ أسلموا للموتِ عَمْرو بنَ مسلِمٍ ... ووَلَّوْا شِلَالًا والأَسنةُ تَرْعُف
وكانت من الفتيانِ في الحربِ عادة ... ولم يصبرُوا عندَ القنا المُتَقَصِّفِ
(٧/ ٢٩ - ٣٢).
[ذكر الخبر عن غزوة مسلم بن سعيد هذه الغزوة]
ذكر عليّ بن محمد عن أشياخه أنَّ مسلمًا غزا في هذه السنة، فخطب الناس في ميدان يزيد، وقال: ما أُخَلِّفُ بعدي شيئًا أهمّ عندي من قوم يتخلّفون بعدي مخلْقِي الرقاب، يتواثبون الجُدران على نساء المجاهدين؛ اللهمّ افعل بهم وافعل! وقد أمرتُ نصرًا ألَّا يجد متخلِّفًا إلَّا قتله، وما أرثى لهم من عذاب ينزله الله بهم - يعني عمرو بن مسلم وأصحابه - فلما صار ببخارى أتاه كتاب من خالد بن عبد الله القسريّ بولايته على العراق، وكتب إليه: أتممْ غزاتك. فسار