للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب توفيل إلى المأمون وردّ المأمون عليه

وفيها كتَب تَوْفيل صاحب الرُّوم إلى المأمون يسأله الصلح، وبدأ بنفسه في كتابه، وقدم بالكتاب الفضل وزير توْفيل يطلب الصلح، وعرض الفدية.

وكانت نسخة كتاب توفيل إلى المأمون:

أما بعد؛ فإن اجتماع المختلفين على حظِّهما أوْلى بهما في الرأي مما عاد بالضّرر عليهما؛ ولستَ حريًّا أن تَدع لحظٍّ يصل إلى غيرك حظًّا تحوزُه إلى نفسك، وفي علمك كافٍ عن إِخبارك؛ وقد كنت كتبت إليك داعيًا إلى المسالمة، راغبًا في فضيلة المهادنة، لتضع أوزار الحرب عنا، ونكون كلّ واحد لكل واحد وليًّا وحزبًا؛ مع اتصال المرافق والفُسَح في المتاجر، وفكّ المستأسر، وأمن الطريق والبَيْضة؛ فإن أبيتَ فلا أدِبّ لك في الخمَر، ولا أزخرف لك في القول؛ فإني لخائض إليك غمارها، آخذ عليك أسدادها، شانٌّ خيلَها ورجالها، وإن أفعل فبعد أن قدّمت المعذرة، وأقمت بيني وبينك عَلَم الحجّة. والسلام.

فكتب إليه المأمون:

أما بعد؛ فقد بلغني كتابُك فيما سألتَ من الهدنة، ودعوتَ إليه من الموادَعة، وخلطت فيه من اللِّين والشدّة؛ مما استعطفتَ به؛ من شرح المتاجر واتصال المرافق، وفكّ الأسارى، ورفع القَتْل والقتال، فلولا ما رجعت إليه من أعمال التؤَدة والأخذ بالحظّ في تقليب الفكرة، وألّا أعتقد الرأي في مستقبله إلا في استصلاح ما أوثره في معتقبه، لجعلت جوابَ كتابك خيلًا تحمل رجالا من أهل البأس والنّجدة والبصيرة ينازعونكم عن ثُكلكم، ويتقرّبون إلى الله بدمائكم، ويستقلّون في ذات الله ما نالهم من ألم شوكتكم، ثم أوصل إليهم من الأمداد، وأبلغ لهم كافيًا من العُدّةِ والعتاد، هم أظمأ إلى موارد المنايا منكم إلى السلامة من مخوف معرّتهم عليكم؛ موعدُهم إحدى الحسنيين: عاجل غلبة، أو كريم منقلَب؛ غير أني رأيت أن أتقدّم إليك بالموعظة التي يثبت الله بها عليك


= وقال ابن قتيبة الدينوري وفيها - أي سنة ٢١٧ هـ - فتحت لؤلؤة (المعارف/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>