وفي رجب منها كان - فيما ذكر - وقعة بين ديوداد أبي الساج وبين بايكباك بناحية جَرْجَرايا، قتل فيها أبو الساج بايكباكَ، وقتل من رجاله جماعة، وأسر منهم جماعة، وغرق منهم في النهروان جماعة.
وفي النصف من رجب منها اجتمع مَنْ كان ببغداد من بني هاشم من العباسيين، فصاروا إلى الجزيرة التي بإزاء دار محمد بن عبد الله، فصاحوا بالمستعين وتناولوا محمد بن عبد الله بالشتم القبيح، وقالوا: قد مُنعنا أرزاقنا، وتُدفع الأموال إلى غيرنا ممن لا يستحقها، ونحن نموت هزلًا وجوعًا؛ فإن دفعتَ إلينا أرزاقنا وإلا قصدنا إلى الأبواب ففتحناها، وأدخلنا الأتراك؛ فليس يخالفنا أحد من أهل بغداد، فعبر إليهم الشاه بن ميكال، فكلّمهم ورفق بهم، وسألهم أن يعبر معه منهم ثلاثة أنفس ليدخلهم على ابن طاهر، فامتنعوا من ذلك، وأبوا إلَّا الصّياح وشتْم محمد بن عبد الله؛ فانصرف عنهم الشاه؛ فلم يزالوا على حالهم على قُرْب الليل، ثم انصرفوا واجتمعوا من غد ذلك اليوم، فوجّه إليهم محمد بن عبد الله، فأمرهم بحضُور الدّار يوم الإثنين ليأمر من يناظرهم، فصاروا إلى الدّار فأمر محه رر بن داود الطوسيّ بمناظرتهم، وبذل لهم رزق شهر واحد؛ وأمرهم أن يقبضوا ذلك، ولا يكلّفوا الخليفة أكثر من هذا؛ فأبوْا أن يقبضوا رزْق شهر، وانصرفوا.
* * *
[خروج الحسين بن محمد الطالبيّ وما آل إليه أمره](١)
وفيها خرج بالكوفة رجل من الطالبيّين يقال له الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي طالب، فاستخلف بها رجلًا منهم يقال له محمد بن جعفر بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن حسن، ويكنى أبا أحمد، فوجّه إليه المستعين مزاحم بن خاقان أرطُوج؛ وكان العلويّ بسوَاد الكوفة في ثلثمئة رجل من بني أسد وثلثمئة رجل من الجارودية والزيديّة وعامتهم صَوَّافيّة؛ وكان العامل يومئذ بالكوفة أحمد بن نصر بن مالك الخُزاعيّ، فقتَل العَلويّ من أصحاب ابن نصر أحدَ عشر رجلًا، منهم من جند الكوفة أربعة،