ذكر الخبر عن مقتل محمد بن يزيد المهلبيّ ودخول طاهر إلى الأهواز (١)
ذُكر عن يزيد بن الحارث، قال: لما نزل طاهر شلاشان، وجّه الحسين بن عمر الرستميّ إلى الأهواز، وأمره أن يسير سيرًا مقتصدًا، ولا يسير إلَّا بطلائع، ولا ينزل إلا في موضع حَصِين يأمن فيه على أصحابه. فلما توجّه أتت طاهرًا عيونه، فأخبروه أن محمد بن يزيد المهلبيّ - وكان عاملًا لمحمد على الأهواز - قد توجّه في جمع عظيم يريد نزول جندي سابور - وهو حدّ ما بين الأهواز والجبل - ليحمي الأهواز، ويمنع من أراد دخولها من أصحاب طاهر، وإنه في عدّة وقوّة، فدعا طاهر عدّةً من أصحابه، منهم محمد بن طالوت ومحمد بن العلاء والعباس بن بخاراخذاه والحارث بن هشام وداود بن موسى وهادي بن حفص، وأمرهم أن يكمّشوا السَّير حتى يتّصل أوّلهم بآخر أصحاب الحسين بن عمر الرّستميّ، فإن احتاج إلى إمداد أمدّوه، أو لقيه جيش كانوا ظهرًا له. فوجّه تلك الجيوش، فلم يلقهم أحدٌ حتى شارفوا الأهواز.
وبلغ محمد بن يزيد خبرُهم، فعرض أصحابَه، وقوّى ضعفاءهم، وحمل الرجّالة على البغال، وأقبل حتى نزل سوق عسكر مُكرَم، وصيّر العمران والماء وراء ظهره، وتخوّف طاهر أن يعجل إلى أصحابه، فأمدّهم بقريش بن شبل، وتوجّه هو بنفسه حتى كان قريبًا منهم، ووجّه الحسن بن عليّ المأموني، وأمره بمضامّة قريش بن شبل والحسين بن عمر الرستميّ، وسارت تلك العساكر حتى قاربوا محمد بن يزيد بعسكر مُكرم، فجمع أصحابه فقال: ما ترون؟ أطاول القوم القتال وأماطلهم اللقاء، أم أناجزهم كانت لي أم عليّ؟ فوالله ما أرى أن أرجع إلى أمير المؤمنين أبدًا، ولا أنصرف عن الأهواز، فقالوا له: الرأي أن ترجع إلى الأهواز، فتتحصن بها وتغادي طاهرًا القتال وتبعث إلى البصرة فتفرض بها الفروض، وتستجيش من قدرت عليه وتابعك من قومك. فقبل ما أشاروا عليه، وتابعه قومه، فرجع حتى صار بسوق الأهواز. وأمر طاهر قريش بن شبل أن
(١) وذكر خليفة هذا الخبر فقال ضمن حديثه عن وقائع سنة (١٩٦ هـ) وفيها قتل محمد بن يزيد بن حاتم بالأهواز [تأريخ خليفة/ ٣٠٩] وانظر تعليقنا الآتي (٨/ ٤٣٤/ ٧٠).