عليه أبو العباس قِصّتهم، وأنهم يريدون الكوفة ليظهروا بها، ويظهروا أمرهم، فقال له داود: يا أبا العباس، تأتي الكوفة وشيخ بني مروان؛ مَرْوان بن محمد بحرّان مطلٌّ على العراق في أهل الشأم والجزيرة، وشيخ العرب يزيد بن عمر بن هبيرة بالعراق في حلْبة العرب! فقال أبو الغنائم: من أحبَّ الحياة ذلَّ ثم تمثل بقول الأعشى:
فما ميتَةٌ إن مِتُّها غيرَ عاجز ... بعارِ إذا ما غالتِ النفسَ غُولُها
فالتفت داود إلى ابنه موسى فقال: صدق والله ابن عمك، فارجع بنا معه نعش أعزَّاء أو نمت كرامًا، فرجعوا جميعًا، فكان عيسى بن موسى يقول إذا ذكر خروجهم من الحُميمة يريدون الكوفة: إن نفرًا أربعة عشر رجلًا خرجوا من دارهم وأهليهم يطلبون مطالبَنا، لعظيمٌ همّهم كبيرة أنفسهم، شديدة قلوبهم. [٧/ ٤٢١ - ٤٢٩].
* * *
ذكر بقيَّة الخبر عما كان من الأحداث في سنة اثنتين وثلاثين ومئة
تمام الخبر عن سبب البيعة لأبي العباس عبد الله بن محمد بن عليّ وما كان من أمره:
قال أبو جعفر: قد ذكرنا من أمر أبي العباس عبد الله بن محمد بن عليّ ما حضرنا ذكره قبلُ، عمن ذكرنا ذلك عنه؛ وقد ذكرنا من أمره وأمر أبي سلمة وسبب عقد الخلافة لأبي العباس أيضًا ما أنا ذاكره؛ وهو أنه لما بلغ أبا سلمة قتلُ مروان بن محمد إبراهيمَ الذي كان يقال له الإمام، بدا له في الدعاء إلى ولد العباس وأضمر الدّعاء لغيرهم؛ وكان أبو سلمة قد أنزل أبا العباس حين قدم الكوفة مع مَن قدم معه من أهل بيته في دار الوليد بن سعد في بني أوْد، فكان أبو سلمة إذا سئل عن الإمام يقول: لا تعجلوا، فلم يزل ذلك من أمره وهو في معسكره بحمّام أعين حتى خرج أبو حُميد، وهو يريد الكُناسة، فلقي خادمًا لإبراهيم يقال له سابق الخوارزميّ، فعرفه، وكان يأتيهم بالشأم فقال له: ما فعل الإمام إبراهيم؟ فأخبره أنّ مَرْوان قتله غِيلة، وأن إبراهيم أوصى إلى أخيه