للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين يفضُون إلى أهل الذّمة بأذىً وبأمور لها ما ينتقضون بكم! فقالوا: ما نعلم إلّا وفاء وحسن ملَكة، قال: فكيف هذا؟ فلم يجد عند أحد منهم شيئًا يشفيه ويبصر به مما يقولون، إلّا ما كان من الأحنف، فقال: يا أميرَ المؤمنين! أخبرك أنّك نهيتَنا عن الانسياح في البلاد، وأمرتَنا بالاقتصار على ما في أيدينا، وإن ملك فارس حيّ بين أظهرهم؛ وإنهم لا يزالون يساجلوننا ما دام مَلكهم فيهم؛ ولم يجتمع مَلِكان فاتفقا حتى يخرِج أحدُهما صاحبَه؛ وقد رأيتُ أنّا لم نأخذ شيئًا بعد شيء إلّا بانبعاثهم، وأنّ ملِكهم هو الذي يبعثهم، ولا يزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فلنسِحْ في بلادهم حتى نزيلَه عن فارس، ونخرجه من مملكته وعزّ أمته، فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس، ويضربون جأشًا. فقال: صدقتَني والله، وشرحت لي الأمر عن حقه. ونظر في حوائجهم، وسرّحهم.

وقدم الكتاب على عمر باجتماع أهل نهاوند وانتهاء أهل مِهْرجان قذَق وأهل كُوَر الأهواز إلى رأي الهُرمزان ومشيئته، فذلك كان سبب إذن عمر لهم في الانسياح (١). (٤: ٨٩).

ذكر فتح السُّوس

اختلف أهل السِّيَر في أمرها؛ فأمّا المدائنيّ فإنه -فيما حدثني عنه أبو زيد- قال: لما انتهى فلّ جلولاء إلى يزدجرد وهو بحلوان؛ دعا بخاصّته، والموبذ، فقال: إن القومَ لا يلقون جمعًا إلا فلّوه، فما ترونْ؟ فقال الموْبذ: نرى أن تخرج، فتنزل إصطَخْر؛ فإنها بيت المملكة، وتضمّ إليك خزائنك، وتوجّه الجنود. فأخذ برأيه، وسار إلى أصبَهان ودعا سياهَ، فوجّهه في ثلاثمئة، فيهم سبعون رجلًا من عُظمائهم، وأمره أن ينتخب مِن كلّ بلدة يمرّ بها مَن أحبّ، فمضى سياه، وأتبعه يزدجِرْد، حتى نزلوا إصطخر وأبو موسى محاصر السُّوس، فوجّه سياه إلى السُّوس، والهرمزان إلى تُستَر، فنزل سياه الكلبانيّة، وبلغ أهلَ السوس أمرُ جلولاء، ونزول يزدجرد إصطخر منهزمًا، فسألوا أبا موسى الأشعري الصلح، فصالحهم، وسار إلى رامهرمز وسياه بالكلبانية، وقد عظُم أمر


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>