فلما عُزل أَمَر به الوليدُ أن يُوقَف للناس، فقال: ما أخاف إلا من عليّ بن الحسين، فمَرّ به عليّ وقد وُقِف عند دارِ مَرْوان، وكان عليّ قد تقدّم إلى خاصّته ألّا يَعرِض له أحد منهم بكلمة؛ فلما مرّ ناداه هشامُ بنُ إسماعيل: اللهُ أعلمُ حيث يجعَل رِسالاته. (٦/ ٤٢٨).
* * *
خبر غزو قتيبة بِيكَنْد
قال عليّ: حدّثنا أبو الذّيال، عن أشياخ من بني عَدِيّ، أنّ مسلمًا الباهليَّ قال لِوَألانَ: إنّ عندي مالًا أحبّ أن أستودِعَكَه، قال: أتريد أن يكون مكتومًا أو لا تكره أن يعلَمه الناسَ؟ قال: أحِبّ أن تكتُمه؛ قال: ابعث به مع رجلِ تَثِق به إلى موضع كذا وكذا، ومُرْه إذا رأى رجلًا في ذلك الموضع أن يَضع ما معه ويَنصرِف؛ قال: نعم، فجَعل مسلم المال في خُرْج، ثمّ حَمَله على بغل وقال لمولىً له: انطلق بهذا البغل إلى موَضع كذا وكذا، فإذا رأيت رجلًا جالسًا فخلِّ عن البَغْل وانصَرِف، فانطَلَق الرجلُ بالبَغْل، وقد كان وألان أتى الموضَع لمِيعاده.
فأبطأ عليه رسولُ مسلم، ومضى الوقت الذي وَعدَه، فظنّ أنه قد بدا له، فانصرف، وجاء رجلٌ من بني تَغلِبَ فجلس في ذلك الموضع، وجاء مولَى مسلم فرأى الرجل جالسًا، فخلَّى عن البغل ورَجعَ، فقام التغلبيُّ إلى البَغْل، فلما رأى المال ولم يَر مع البَغْل أحدًا قادَ البغَل إلى منزِله، فأخذ البغلَ وأخذَ المال، فظنّ مسلم أن المال قد صار إلى وألان، فلم يسأل عنه حتى احتاج إليه، فَلقيَه فقال: مالي! فقال: ما قبضت شيئًا، ولا لك عندي مال، قال: فكان مُسلم يشكوه ويتنقّصه، قال: فأتى يومًا مجلس بني ضبَيعة فشّكاه والتغلبيُّ جالسٌ، فقام إليه فخَلا به وسأله عن المال، فأخبَرَه، فانطَلَق به إلى منزِله، وأخرج الخُرْج فقال: أتعرِفه؟ قال: نَعَم، قال: والخاتمَ؟ قال: نعم؛ قال: اقِبض مالَك، وأخبرَه الخَبر، فكان مسلم يأتي الناسَ والقبائلَ التي كان يشكو إليهم وألان فيَعذِره ويُخبرهم الخبَر، وفي وألان يقول الشاعر: