للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هشام على بابها يرسل بالسلام وألطافه على بابها كثيرة، ويعتذر فتأبى؛ حتى كان يأيس من قبول هدّيته، ثم أمرت بقبضها (١). [٧/ ١٩٩].

[ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومئة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

[ذكر الخبر عن العلة التي كانت بها وفاته]

حدّثني أحمد بن زُهير، قال: حدّثني عليّ بن محمد، قال: حدثني شيبة بن عثمان، قال: حدّثني عمرو بن كليع؛ قال: حدّثني سالم أبو العلاء كاتب هشام، قال: خرج علينا هشام بن عبد الملك يومًا وهو كئيب، يعرَف ذلك فيه، مسترخٍ عليه ثيابه، وقد أرخى عنان دابّته، فسار ساعةً ثم انتبه، فجمع ثيابه وأخذ بعِنان دابته، وقال للرّبيع: ادعُ الأبرش، فدُعِيَ فسار بيني وبين الأبرش، فقال له الأبرش: يا أمير المؤمنين؛ لقد رأيتُ منك شيئًا غمّني، قال: "وما هو؟ قال: رأيتك قد خرجت على حال غمّني، قال: ويحك يا أبرش! وكيف لا أغتمّ وقد زعم أهل العلم أني ميت إلى ثلاثة وثلاثين يومًا! قال سالم: فرجعت إلى منزلي، فكتبت في قرطاس: "زعم أمير المؤمنين يوم كذا وكذا أنه يسافر إلى ثلاثة وثلاثين يومًا". فلمّا كان في الليلة التي استكمل فيها ثلاثة وثلاثين يومًا إذا خادم يدقّ الباب يقول: أجِبْ أميرَ المؤمنين، واحمِل معك دواء الذُّبَحة -وقد كان أخذه مرّة فتعالج فأفاق- فخرجتُ ومعي الدواء فتغرغَر به، فازداد الوجعُ شِدّة، ثم سكن فقال لي: يا سالم، قد سكن بعض ما كنت أجد؛ فانصرِفْ إلى أهلكِ، وخلّف الدواء عندي. فانصرفت، فما كان إلا ساعة حتى سمعت الصُّراخ عليه، فقالوا: مات أمير المؤمنين! فلما مات أغلق الخزّان الأبواب، فطلبوا قُمقمًا يسخَّن فيه الماء لغسله، فما وجدوه حتى استعاروا قُمقمًا من بعض الجيران، فقال بعض من حضر ذلك: إن في هذا لمعتبرًا لمن اعتبر، وكان وفاته بالذُّبَحَة، فلما مات صلى عليه ابنه مَسْلمَة بن هشام. [٧/ ٢٠٠ - ٢٠١].

وحدثني أحمد، قال عليّ: لم يكن أحدٌ يسير في أيام هشام في موكب إلّا


(١) انظر البداية والنهاية [٧/ ٢١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>