للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مات الحجاج! فاسترجعتُ. قال: اسكُتْ ما يُسرّ مولاك أن في يده تفاحةً يشُمّها (١). (٤٩٦: ٦ - ٤٩٧).


(١) [وقفة عند سيرة أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك] (٨٦ - ٩٦ هـ)
عرف الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بأعمال صالحة وفتوح ذكرتها كتب التاريخ فقد أقام الجهاد في أيامه وفتحت في خلافته فتوحات عظيمة (كما قال السيوطي) وكان مع ذلك يُخَتِّنُ الأيتام، ويُرَتِّبُ لهم المؤدبين، ويُرتِبُ للزمْنى من يخدمهم وللأضراء من يقودهم وعمّر المسجد النبوي ووسعه ورزق الفقهاء والضعفاء والفقراء وحرّم عليهم سؤال الناس وفرض لهم ما يكفيهم وضبط الأمور أتمَّ الضبط، قال ابن أبي عبلة: رحم الله الوليد وأين مثل الوليد؟ افتتح الهند والأندلس وبنى مسجد دمشق وكان يعطيني قطع الفضة أقسمها على قرّاء مسجد بيت المقدس. [تاريخ الخلفاء (ص ٢٢٤)].
ونود هنا أن نذكر رأي الأخباري الصدوق المدائني رحمه الله: إذ أخرج ابن جرير قال: حدثني عمر بن شبة: حدثنا علي بن محمد المدائني قال: كان الوليد بن عبد الملك عند أهل الشام أفضل خلائفهم بني المساجد بدمشق، ووضع المنائر، وأعطى الناس، وأعطى المجذومين، وقال لهم لا تسألوا الناس، وأعطى كل مقعد خادمًا، وكل ضرير قائدًا، وفتح في ولايته فتوحات كثيرة عظامًا، وكان يرسل بنيه في كل غزوة إلى بلاد الروم، فتح الأندلس والهند والسند وأقاليم بلاد العجم حتى دخلت جيوشه إلى الصين.
[انظر البداية والنهاية (٧: ٣١٢) وتاريخ الطبري (٦: ٤٩٧)].
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: بني الوليد بن عبد الملك جامع دمشق على الوجه الذي ذكرنا فلم يكن له في الدنيا نظير، وبنى صخرة بيت المقدس عقد عليها القبة، وبنى المسجد النبوي ووسعه حتى دخلت الحجرة النبوية التي فيها القبر فيه. وله آثار حسان جدًّا ثم كانت وفاة الوليد في يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة من هذه السنة أعني: سنة ست وتسعين. [البداية والنهاية (٧: ٣١٢)].
ومن واجب المؤرخ المسلم الملتزم أن يبحث في أمهات الكتب ليكشف عن زيف أهل البدع والأهواء من المؤرخين الذين شوّهوا كثيرًا من الحقائق التاريخية ونسبوا إلى بعض الخلفاء ما ليس فيهم كالواقدي إذ وصف الوليد بأنه جبار وتبعه بعض الأئمة المتأخرين كالسيوطي رحمه الله.
ولكن تلك الفرية لم تنطل على الحافظ المؤرخ المحدث المفسر ابن كثير فرد على الواقدي المتروك المبتدع فريته تلك إذ قال الواقدي: "وكان الوليد جبارًا ذا سطوة شديدة لا يتوقف إذا غضب". فرده ابن كثير قائلًا: يُرادُ بهذا الوليد بن يزيد الفاسق لا الوليد بن عبد الملك باني الجامع. [البداية والنهاية (٧: ٣١٢)].
وقد استوقفتنا رواية عند البسوي قال: أخبرنا ابن وهب: حدثني الليث: عن عقيل: عن ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>