للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل"، وقال: "يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه". [أحمد / ١٦٠٧] والترمذي (٢٣٩٨)] وقال حسن صحيح.
ولم يزد هذا كله أيوب - عليه السلام - إلا صبرًا واحتسابًا وحمدًا وشكرًا حتى إن المثل ليُضرب بصبره - عليه السلام -، ويُضرب المثل أيضًا بما حصل له من أنواع البلايا.

[شفاؤه]:
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالا: "لما عافى الله أيوب - عليه السلام - أمطر عليه جرادًا من ذهب، فجعل يأخذ منه بيده ويجعل في ثوبه. قال: فقيل له: يا أيوب، أما تشبع؟ قال: يا رب. ومن يشبع من رحمتك؟ ". [أحمد / ح ٧٣١٣].
وهكذا رواه الإمام أحمد عن أبي داود الطيالسي، وعبد الصمد، عن همام، عن قتادة به.
ورواه ابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن محمد الأزدي، عن إسحاق بن راهويه، عن عبد الصمد به، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب، وهو على شرط الصحيح، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أرسل اللهُ على أيوب رِجْلًا من جراد من ذهب، فجعل يقبضها في ثوبه، فقيل: يا أيوب، ألم يكفك ما أعطيناك؟ قال: أي رب، من يستغني عن ذلك! هذا موقوف، وقد روي عن أبي هريرة من وجه مرفوعًا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أيوب يغتسل عريانًا خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه عزَّ وجلَّ: يا أيوب .. ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك". [رواه البخاري من حديث عبد الرزاق به / ح ٢٧٦].
وقوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} أي: اضرب الأرض برجلك، فامتثل ما أمر به، فأنبع الله عينًا باردة الماء، وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى، والسقم والمرض، الذي كان في جسده ظاهرًا وباطنًا، وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة، وجمالًا تامًّا ومالًا كثيرًا، حتى صب له من المال صبًا، وأخلف الله له أهله، كما قال تعالى: {وَآتَينَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ}، وقوله: {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} أي رفعنا عنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>