للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما سمع ذلك معاوية قال: ما أرى ابنَ أبي طالب إلّا قد وفىَ لك؛ فجاء معاوية يتأنى في مسيره. وكتب إلى كلّ من كان يرى أنه يخاف عليًّا أو طعن عليه ومَن أعظم دمَ عثمان واستعواهم إليه. فلما رأى ذلك الوليد بعث إليه يقول:

ألا أَبْلِغْ مُعاوية بنَ حرْبٍ ... فإنَّكَ من أخي ثِقَةٍ مُليمُ

قَطَعْتَ الدهْرَ كالسَّدِمِ المُعَنّى ... تُهدِّرُ في دِمَشْقَ فما تَريمُ

وإنّك والكتابَ إلى عليٍّ ... كدابِغَةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ

يُمَنّيكَ الإمارةَ كلُّ ركْبٍ ... لأنْقاضِ العراقِ بها رَسيم

وليس أخو التِّرات بمن تَوانَى ... ولكنْ طالِبُ التِّرَةِ الغَشومُ

ولو كنتَ القتيلَ وكان حيًّا ... لَجَرَّدَ لا ألَفُّ ولا سَؤُومُ

ولا نَكِلٌ عن الأوتارِ حتّى ... يُبيءَ بها، ولا بَرِمٌ جَثومُ

وقومُكَ بالمدينة قد أبيروا ... فهمْ صَرْعَى كأنَّهُمُ الهَشيمُ

وقال غيرُ أبي بكر: فدعا معاوية شدّاد بنَ قيس كاتبه وقال: ابغني طُومارًا، فأتاه بطُومار، فأخذ القلم فكتب، فقال: لا تَعجلْ، اكتب:

ومُستعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا ... ولو زَبَنَته الحربُ لم يترمرَمِ

ثم قال: اطوِ الطّومار، فأرسل به إلى الوليد، فلما فتحه لم يجد فيه غير هذا البيت.

قال أبو بكر الهذليّ: وكتب رجل من أهل العراق حيث سار عليّ بن أبي طالب إلى معاوية بيتين:

أبْلِغْ أميرَ المؤمنيـ ... ـن أخا العِراق إذا أتَيْنَا

أنَّ العِراقَ وأهلَها ... عُنُقٌ إليك فَهَيْتَ هَيْتَا (١)

(٤: ٥٦٣/ ٥٦٤/ ٥٦٥).

ما أمر به عليّ بن أبي طالب من عمل الجسر على الفرات

١٠٧٣ - فلما انتهى عليٌّ إلى الرّقة قال فيما حُدّثت عن هشام بن محمد، عن أبي مخنف، قال: حدّثني الحجّاج بن عليّ، عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث


(١) في إسناده أبو بكر الهذلي وهو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>