للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الذي قال (أعق أمٍّ نعلمُ) وكذب والله! إنك لأبرُّ أمٍّ نعلمُ ... الخبر.
وكما تذكرت السيدة عائشة وهي في خضم الأحداث قول الرسول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب" فتنوي الرجوع من لحظتها، وكذلك سيدنا علي رضي الله عنه يرجع أم المؤمنين إلى مأمنها في المدينة وهو يتمثل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخرج البزار (كشف الأستار ٤/ ٩٣) وأحمد (٦/ ٣٩٣) عن أبي رافع رضي الله عنه قال لعلي بن أبي طالب: "سيكون بينك وبين عائشة أمر". قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: "لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها". وحسّن الحافظ إسناده في الفتح (١٣/ ٦٢).
وماذا عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه؟ والذي كان من أوائل أصحاب علي رضي الله عنه والمدافعين عن موقف أمير المؤمنين ماذا يقول للسيدة عائشة التي وقفت في الطرف المقابل: أخرج الطبري في تأريخه (٤/ ٤٤٥) عن أبي يزيد المديني أنه قال: قال عمَّار بن ياسر لعائشة رضي الله عنها -حين فرغ القوم-: يا أم المؤمنين ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عُهد إليك! قالت: أبو اليقظان! قال: نعم، قالت: والله إنك ما علمت قوّال بالحق، قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك. وصحح الحافظ ابن حجر إسناده في الفتح (١٣/ ٦٣) ولفظه في الفتح [ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم يشير إلى قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}].
سبحان الله مع كلّ ما لحق بها وبأصحابها من أذى لا يمنعها من الإقرار بالحق وإعطاء كل ذي حق حقه.
وأخيرًا نقول: هكذا تصور لنا الروايات الصحيحة التأريخ الإسلامي العظيم فماذا يقول أعداء هذا التأريخ؟ ! هذا ما سنبحثه مختصرًا في الأسطر التالية:

ردّ شبهات بروكلمان حول معركة الجمل
لقد ذكرنا قبل قليل ما بينت الروايات الصحيحة من معالم معركة الجمل وكيف: أن هذه الروايات الصحيحة تؤكد عدالة الصحابة وصدقهم على ما عاهدوا عليه، وتحرّيهم الأفضل والأولى وإن كلفهم ذلك غاليًا. وأظن أن الذي (يراجع خاتمة المطاف فيما ورد في معركة الجمل) ينشرح صدره لما يقرأ من تأريخ الخلافة الراشدة وسيرة الصحابة الأجلّاء رضي الله عنهم.
ولكن من يقرأ كتابات المستشرقين ومن تبعهم من المتغرّبين يسمع العجب العجاب، وكعادتهم فإن المستشرقين يعتمدون كثيرًا على الروايات المكذوبة أو الضعيفة جدًّا ليطعنوا في تأريخ الخلافة الراشدة، وأحيانًا يختلقون أمورًا وتفاصيل لم نجدها حتى في الروايات الضعيفة، ولا نريد أن نطيل أكثر، وسنقتصر على مقاطع من كتاب تأريخ الشعوب الإسلامية للمستشرق الألماني المعروف بروكلمان، فكتاباته ليست عنّا ببعيد:
١ - يقول بروكلمان: (ولم يكن لعلي جيش في المدينة (يثرب) ومن هنا تعين عليه أن يغادرها =

<<  <  ج: ص:  >  >>