للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أيضًا ففي تشرين الأول سنة ٦٥٦ سار إلى العراق يصحبه مئة رجل تقريبًا) (تأريخ الشعوب الإسلامية ١١٦).
وللرد على هذه الفرية والتزييف نقول للمعجبين بآراء بروكلمان: أما قول بروكلمان لم يكن لعلي جيش في المدينة، ومن هنا تعين عليه أن يغادرها. فباطل لا أساس له وإجماع أهل المدينة على بيعته وبضمنهم طلحة والزبير خير دليل على كثرة جيوشه وأتباعه وأعوانه.
ولا أدري لماذا حاول بروكلمان وأمثاله أن يقلبوا الحقائق ويجعلوا من المفخرة شبهة ... إن الناقد المنصف يعلم جيدًا أن سيدنا عليًّا بخروجه من المدينة المنورة وتوجهه نحو العراق يكون معرضًا أكثر لمن يتربص به من السبئية ومثيري الفتنة ومن حولهم، ولكنه يفعل ذلك حفاظًا على أمن الخلافة الإسلامية فينتقل بالعاصمة إلى الكوفة ذلك البلد الذي لم يمض على تمصيره عشر سنوات ومعظم أهله من قبائل اليمن لا الحجاز وهو يعلم أن ذلك سيكلفه غاليًا، ولكن ماذا نقول لمن لبس نظارة سوداء فلمح الصفحات البيضاء من تأريخ الخلافة الراشدة وكأنها سوداء؟ إلا أنه الحقد على الإسلام والجهل بحقائقه. وحتى ندعم كلامنا بالرواية نقول: أخرج أحمد في فضائل الصحابة (٢/ ٦٩٤) عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري قال: خرجت مع أبي إلى ينبع عائدًا لعلي بن أبي طالب فقال له: يا أبا الحسن! ما يقيمك بهذا البلد إن أصابك أجلك لم يلك إلّا أعراب جهينة، فلو احتملت إلى المدينة فأصابك أجلك وليك أصحابك فصلّوا عليك، فقال: يا أبا فضالة! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إليّ أن لا أموت حتى أوقر ثم تُخضب هذه -يعني: لحيته- من هذه -يعني ناصيته-) وحسَّن المحقق إسناده وأخرجه المحب الطبري (الرياض النضرة ٣/ ٢٢٨) فماذا يقول الأستاذ بروكلمان؟ !
وأما قول (بروكلمان): ففي تشرين الأول سنة (٦٥٦) سار إلى العراق بصحبة مئة رجل تقريبًا ... فلا والله ما أنصف بل ظلم الحقيقة فجهلها أو تجاهلها. ولقد سبق أن ذكرنا رواية محمد بن الحنفية، وسنعيد ذكرها هنا دحضًا لهذا التزييف وهذا الحطّ من مكانة الخليفة الراشد الرابع رضي الله عنه وأرضاه.
فقد أخرج الطبري في تأريخه (٤/ ٥٠٥) عن محمد ابن الحنفية قال: أقبلنا من المدينة بسبعمئة رجل. وإسناده حسن فلا أدري ماذا فعل بروكلمان بـ (٦٠٠ رجل) حذفهم من العدد الأصلي (٧٠٠) ولم يذكر إلا مئة! ! وهكذا تثبت لنا نعمة الإسناد أنه رضي الله عنه خرج من المدينة يصحبه سبعمئة رجل لا مئة والحمد لله أولًا وآخرًا.
ويقول بروكلمان واصفًا خروج الصحابي الجليل الزبير بن العوام من البصرة قائلًا: (وقُتِلَ فيما هو يفر). ويبدو أنه لا يفهم القيم التي آمن بها أولئك الرعيل الأول، فالزبير لم يفر وإنما اقتنع بكلام سيدنا علي، وخشي أن يكون آثمًا في خروجه وتبيّن له أن عليًّا على صوابٍ فانحاز وانصرف، ولو كان خروجه بعد المعركة لكان لقول بروكلمان احتمال ولو ضعيفًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>