للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن بعض سيره (أي المنصور) (١)


= كلامه، فلما انتهى إلى: أشهد أن لا إله إلّا الله، قام رجل عن أقصى المسجد فقال: اذكرْ من تذكر، فسكت المنصور ثم قال: سمعنا لمن سمع عن الله، وذكّر به، وأعوذ بالله أن أكون جبّارًا عصيًا وأن تأخذني العزّة بالإثم، لقد ضللتُ إذًا، وما أنا من المهتدين، وأنت والله أيها القائل ما الله أردت بهذا، ولكن حاولت إلى أن يقال: قام، فقال، فعوقب، فصبر، وأهونْ بقائلها. ويلك فإذا سهوت أنا فمن يعلم: وإياكم، مَعْشَر الناس، وأختها، فإن الموعظة علينا نزلت، ومن عندنا أبينت، فردوا الأمر إلى أهله يصدروه كما أوردته.
ثم رجع إلى خطبته كأنه يقرأها عن كفّه، فقال: وأشهد أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله. [تأريخ دمشق / المجلد السابق ٣٢/ ٣١١ - ٣١٢]. ثم أخرجه ابن عساكر عن طريق أبي العيناء (محمد بن القاسم) عن الأصمعي قال:
صعد أبو جعفر المنصور المنبر فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به، وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل وقال: يا أمير المؤمنين اذكر من أنت في ذكره، فقال أبو جعفر: مرحبًا مرحبًا، لقد ذكرت جليلًا، وخوّفت عظيمًا، وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت وأنت يا قائلها. فأحلفُ بالله، ما اللهَ أردتَ بها، وإنّما أردتَ أن يقال: قام فقال، فعوقب فصبر، فأهون بها من قائلها واهتبلها الله، ويلك، إنّي غفرتها وإياكم مَعْشَر الناس وأمثالها، وأشهد أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله، فعاد إلى خطبته فكأنما يقرأها من قرطاس [المجلد السابق ٣٢/ ٣١٢].
والخبر أخرجه الخطيب [تأريخ بغداد ١٠/ ٥٥] وأبو العيناء ليس قويًّا في الحديث ولكنه حافظ للأخبار فهذه طرق تتعاضد ببعضها. والله أعلم.
(١) لقد ذكر الطبري ضمن حديثه عن سيرة المنصور روايات كثيرة استغرقت الصفحات (٧١ - ١٠٧) ولكنه وللأسف الشدبد فإن الطبري أورد هذه الأخبار بأسانيد مسلسلة بالمجاهيل وهي أخبار في ظاهرها مناقب للخليفة المنصور ولكن في ثنايا بعضها مثالب =

<<  <  ج: ص:  >  >>