ورحل المأمون في هذه السنة من طوس يريد بغداد، فلما صار إلى الرّيّ أسقط من وظيفتها ألفي ألف درهم (١).
وفي هذه السنة غلبت السوداء على الحسن بن سهل، فذُكر سبب ذلك أنه كان مرض مرضًا شديدًا، فهاج به من مرضه تغيّر عقله، حتى شُدّ في الحديد وحبِس في بيت. وكتب بذلك قوّاد الحسن إلى المأمون، فأتاهم جواب الكتاب أن يكون على عسكره دينار بن عبد الله، ويعلمهم أنه قادم على أثر كتابه.
* * *
خبر حبس إبراهيم بن المهديّ عيسى بن محمد بن أبي خالد
وفي هذه السنة ضرب إبراهيم بن المهديّ عيسى بن محمد بن أبي خالد وحبسه.
ذكر الخبر عن سبب ذلك:
ذُكر أن عيسى بن محمد بن أبي خالد كان يكاتب حُميدًا والحسن؛ وكان الرّسول بينهم محمد بن محمد المعبديّ الهاشميّ، وكان يُظهر لإبراهيم الطاعة والنصيحة، ولم يكن يقاتل حُميدًا ولا يعرض له في شيء من عمله؛ وكان كلّما قال إبراهيم: تهيّأ للخروج لقتال حُميد، يعتلّ عليه بأنّ الجند يريدون أرزاقهم، ومرة يقول: حتى تُدرِك الغلّة؛ فما زال بذلك حتى إذا توثق مما يريد مما بينه وبين الحسن وحُميد فارقهم، على أن يدفع إليهم إبراهيم بن المهديّ يوم الجمعة لانسلاخ شوّال. وبلغ الخبر إبراهيم؛ فلما كان يوم الخميس، جاء عيسى إلى باب الجسر، فقال للناس: إني قد سالمت حُميدًا، وضمنت له ألّا أدخل عمله، وضمن لي ألّا يدخل عملي. ثم أمر أن يُحفَر خندق بباب الجسر وباب الشأم، وبلغ إبراهيمَ ما قال وما صنع، وقد كان عيسى سأل إبراهيم أن يصلِّي الجمعة بالمدينة، فأجابه إلى ذلك، فلمّا تكلم عيسى بما تكلم به، وبلغ إبراهَيمَ الخبر وأنه يريد أخذه حذر.
(١) ذكر الطبري هنا مسير المأمون يريد بغداد مرورًا بالري بينما ذكر خليفة أنه قدم بغداد فلعله وصل إلى مشارفها وانظر تأريخ خليفة (٣١٢) وانظر تعليقنا على الخبر (٨/ ٥٧٤).