وفيها عزل عبد الله بن سليمان عن اليَمن عن سَخْطة، ووجَّه مَنْ يستقبله ويفتش متاعه، ويحصي ما معه، ثم أمر بحبسه عند الرّبيع حين قدم، حتَّى أقرّ من المال والجوهر والعنبر بما أقرّ به، فردّه إليه، واستعمل مكانه منصور بن يزيد بن منصور.
* * *
[ثم دخلت سنة خمس وستين ومائة]
وسار إلى الدُّمُسْتُق بنقُمودية وهو صاحب المسالح، وسار هارون في خمسة وتسعين ألفًا وسبعمائة وثلاثة وتسعين رجلًا، وحمل لهم من العَيْن مائة ألف دينار وأربعة وتسعين ألفًا وأربعمائة وخمسين دينارًا، ومن الوَرِق أحدًا وعشرين ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة عشر ألفًا وثمانمائة درهم. وسار هارون حتَّى بلغ خليج البحر الذي على القسطنطينية، وصاحب الرُّوم يومئذٍ أغُسْطه امرأة أليون؛ وذلك أن ابنها كان صغيرًا قد هلك أبوه وهو في حجرها، فجرت بينهما وبين هارون بن المهديّ الرّسل والسفراء في طلب الصلح والموادعة وإعطائه الفِدْية، فقبل ذلك منها هارون، وشرط عليها الوفاء بما أعطت له، وأن تقيم له الأدلّاء والأسواق في طريقه؛ وذلك أنَّه دخل مدخلا صعبًا مخوّفًا على المسلمين، فأجابته إلى ما سأل، والذي وقع عليه الصلح بينه وبينها تسعون أو سبعون ألف دينار، تؤديها في نيسان الأوَّل في كلّ سنة، وفي حزيران، فقبِل ذلك منها، فأقامت له الأسواق في منصرَفه، ووجّهت معه رسولًا إلى المهديّ بما بذلت على أن تؤدّي ما تيسّر من الذَّهب والفضة والعَرْض، وكتبوا كتاب الهدنة إلى ثلاث سنين، وسُلِّمَت الأسارَى. وكان الذي أفاء الله على هارون إلى أن أذعنت الروم بالجزية خمسة آلاف رأس وستمائة وثلاثة وأربعين رأسًا، وقتل من الروم في الوقائع أربعة وخمسون ألفًا، وقتِل من الأسارى صبرًا ألفان وتسعون أسيرًا. ومما أفاء الله عليه من الدوابّ الذلل بأدراتها عشرون ألف دابّة، وذبح من البقر والغنم مائة ألف رأس. وكانت المرتزقة سوى المطوّعة وأهل الأسواق مائة ألف، وبيع البرذَوْن بدرهم، والبغل بأقلّ من عشرة دراهم، والدّرْع بأقلّ من درهم، وعشرين سيفًا بدرهم، فقال مروان بن أبي حفصة في ذلك: