غضبتَ لي! فيأمر به فيُشدَخ، وكان فظًّا غليظًا، فلم يسلمَ عليه يومئذ أسيرٌ إلا عبد الله بنَ بُدَيل بنِ عبد الله بن بُدَيلَ بن ورْقاء؛ فإفه كان مولاه، فلما نظر إليه أعرضَ عنه وأشارَ بيده أن خَلّوا عنه، ورَقَبة بن الحرّ لما أُتِيَ به نَظَرَ إليه وقال: ما كان من هذا إلينا كبيرُ ذَنْب، وكان صديقًا لثابت، وكان مع قوم فوَقي لهم، والعَجب كيف أسرْتُموه! قالوا: طُعن فرسُه فسَقَط عنه في وهدة فأسِر؛ فأطلقه وحَمَله، وقال لخالد بن أبي بَرْزة: ليكُنْ عندَك، قال: وكان الذي أجهزَ على موسى بن عبد الله واصِلُ بن طَيسلة العَنْبريّ.
ونظر يومئذ عثمانُ إلى زُرعة بن عَلْقمة السُّلَميّ والحجاج بن مروان وسِنان الأعرابي ناحيةً فقال: لكم الأمان، فظنّ الناسُ أنه لم يؤمنهم حتى كاتَبوه.
قال: وبقيت المدينةُ في يَدَي النضْر بن سليمان بن عبد الله بن خازم، فقال: لا أدفُعها إلى عثمانَ، ولكني أدفعُها إلى مُدرك، فدفَعَها إليه وآمنه، فدفَعَها مُدرِك إلى عثمانَ، وكتب المفضّل بالفَتْح إلى الحجَّاج، فقال الحجّاج: العجب من ابن بَهْلة! آمرُه بقَتْل ابن سَمُرة فيكتب إليّ أنه لمآبه ويكتب إليَّ: أنه قتَل موسى بن عبد الله بن خازم، قال: وقُتِل موسى سنة خمس وثمانين، فذَكَر البحتريّ أن مَغراء بن المغيرة بن أبي صُفْرة قَتَلَ موسى فقال:
وقد عَرَكتْ بالتِّرمذ الخيلُ خازمًا ... ونوحًا وموسى عَركةً بالكَلَاكل
قال: فضرب رجل من الجند ساقَ موسى، فلما ولّى قتيبة أخبِر عنه فقال: ما دعاك إلى ما صنعتَ بفتى العرب بعد مَوْته! قال: كان قتَل أخي، فأمَرَ به قُتَيبة فقُتِل بين يديه. (٦/ ٣٩٨ - ٤١٢).
* * *
عزم عبد الملك بن مروان على خلع أَخيه عبد العزيز
وفي هذه السنة أراد عبدُ الملك بنُ مروانَ خلعَ أخيه عبدِ العزيز بنِ مَرْوان.
* ذكر الخبر عن ذلك وما كان من أمرهما فيه:
ذكَر الواقديّ أنّ عبدَ الملك همّ بذلك، فنَهاه عنه قبيَصةُ بن ذُؤَيب، وقال: لا تَفعلْ هذا، فإنك باعثٌ على نفسك صوتَ نعّار، ولعلّ الموتَ يأتيه فتستريحَ