للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[ذكر خبر استيلاء طاهر على المدائن ونزوله بصرصر]]

وفي هذه السنة أخذ طاهر بن الحسين من أصحاب محمد المدائن؛ ثم صار منها إلى صَرْصر، فعقد جسرًا، ومضى إلى صَرْصر.

ذكر الخبر عن سبب دخوله المدائن ومصيره إلى صرصر:

ذُكر أنّ طاهرًا لما وجّه إلى قصر ابن هبيرة الحارث بن هشام وداود بن موسى، بلغ محمدًا خبرُ عامله بالكوفة وخلعه إياه وبيعته للمأمون، وجّه محمد بن سليمان القائد ومحمد بن حماد البربريّ، وأمرهما أن يبيتا الحارث وداود بالقَصْر، فقيل لهما: إن سلكتما الطريق الأعظم لم يخفَ ذلك عليهما؛ ولكن اختصر الطريق إلى فم الجامع، فإنه موضع سوق ومعكسر، فانزلاه وبيتاهما إن أردتما ذلك، وقد قربتما منهما، فوجّها الرّجال من الياسرّية إلى فم الجامع.

وبلغ الحارث وداود الخبر، فركبا في خيل مجرّد، وتهيآ للرّجالة، فعبرا من مخاضة في سُوراء إليهم؛ وقد نزلوا إلى جَنْبها، فأوقعا بهم وقعة شديدة. ووجه طاهر محمد بن زياد ونصير بن الخطاب مددًا للحارث وداود، فاجتمعت العساكر بالجامع، وساروا حتّى لقوا محمد بن سليمان ومحمد بن حمّاد فيما بين نهر دُرْقيط والجامع، فاقتتلوا قتالا شديدًا، وانهزم أهلُ بغداد، وهرب محمد بن سليمان حتى صار إلى قرية شاهى، وعبر الفرات، وأخذ على طريق البرّية إلى الأنبار، ورجع محمد بن حماد إلى بغداد، وقال أبو يعقوب الخرَيميّ في ذلك:

هُمَا عَدَوا بالنكث كي يَصدعَا به ... صفَا الحقِّ فانفَضّا بجمعِ مُبَدَّدِ

وأَفلتَنَا ابن البَربريِّ مُضَمَّرٌ ... مِنَ الخيل يَسمُو للجيادِ ويَهتَدِى (١)

وذكر يزيد بن الحارث، أنّ محمد بن حماد البربريّ لما دخل بغداد، وجّه محمدٌ المخلوع الفضلَ بن موسى بن عيسى الهاشميّ إلى الكوفة، وولَاه عليها، وضمّ إليه أبا السلاسل وإياس الحرابيّ وجمهورًا النجاريّ؛ وأمره بسرعة السير؛ فتوجّه الفضل؛ فلمّا عبر نهر عيسى عثر به فرسُه، فتحوّل منه إلى غيره وتطيّر،


(١) انظر تعليقنا الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>