للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنديّ بن يحيى والهيثم بن شعبة في أصحابهما، فجمعاهم إليهما، وهمّا بالقتال، وأمر الهيثم بن شعبة صاحب مراكبه أن يسرج له دوابه، فمرّب إليه فرسًا، فأقبل يقسم طرفه بينها، واستقبلته عدّة، فرأى المراكبيّ التغيّر والفزع في وجهه فقال: إنْ أردت الهرب فعليك بها، فإنها أبسط في الركض، وأقوى على السفر. فضحك ثم قال: قرّب فرس الهرب، فإنّه طاهر، ولا عار علينا في الهرب منه، فتركا واسطًا، وهربا عنها. ودخل طاهر واسطًا، وتخوّف إن سبق الهيثم والسنديّ إلى فم الصِّلح فيتحصنا بها. فوجه محمد بن طالوت، وأمره أن يبادرهما إلى فم الصلح ويمنعهما من دخولها إن أرادا ذلك، ووجّه قائدًا من قوّاده يقال له أحمد بن المهلب نحو الكوفة. وعليها يومئذ العباس بن موسى الهادي، فلمّا بلغ العباس خبر أحمد بن المهلب خلع محمدًا، وكتب بطاعته إلى طاهر وببيعته للمأمون، ونزلت خيل طاهر فم النيل، وغلب على ما بين واسط والكوفة، وكتب المنصور بن المهديّ - وكان عاملًا لمحمد على البصرة - إلى طاهر بطاعته، ورحل طاهر حتى نزل طرنايا، فأقام بها يوميْن فلم يرها موضعًا للعسكر، فأمر بجسر فعقد وخندق له، وأنفذ كتبه بالتولية إلى العمال.

وكانت بيعة المنصور بن المهديّ بالبصرة وبيعة العباس بن موسى الهادي بالكوفة؛ وبيعة المطلب بن عبد الله بن مالك بالموصل للمأمون، وخلعهم محمدًا في رجب من سنة ست وتسعين ومائة (١).

وقيل: إنّ الذي كان على الكوفة حين نزل طاهر من قبَل محمد الفضل بن العباس بن موسى بن عيسى.

ولما كتب من ذكرت إلى طاهر ببيعتهم للمأمون وخلعهم محمدًا، أقرّهم طاهر على أعمالهم، وولّى داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي الهاشمي مكة والمدينة، ويزيد بن جرير البَجَليّ اليَمن، ووجّه الحارث بن هشام وداود بن موسى إلى قصر ابن هبيرة.

* * *


(١) لم يذكر خليفة عن هذه المسائل إلا شيئًا واحدًا وهو قوله: وخلع منصور بن المهدي محمدًا المخلوع ودعا إلى المأمون [تاريخ خليفة/ ٣٠٩] أما البسوي فعلى الدنيا السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>