للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمضى الزبير من سننِه في وجهه، فسَلَك وادي السباع، وجاء طلحة سَهْم غَرْب يخُلّ ركبتَه بصفحة الفرس، فلما امتلأ مَوْزَجه دمًا وثَقُل قال لغلامه: اردفنى وأمْسكني، وابغني مكانًا أنزل فيه، فدخل البصرة وهو يتمثّل مثَله ومثَل الزبير:

فإن تكُنِ الحوادِثُ أقْصَدَتْني ... وأَخْطَأَهُنَّ سَهْمي حين أَرْمي

فقد ضُيِّعْتُ حين تَبِعْتُ سَهْمًا ... سفاهًا مَا سَفِهْتُ وضَلَّ حِلْمي

ندِمْتُ نَدَامةَ الكُسَعِيِّ لمَّا ... شريْتُ رِضَا بني سَهْمٍ برَغْمِي

أَطَعْتُهُمُ بفُرْقةِ آل لأْيٍ ... فأَلْقوْا للسِّباع دَمي ولَحْمِي (١)

(٤: ٥٠٧/ ٥٠٨).

[خبر وقعة الجمل من رواية أخرى]

٩٨٧ - قال أبو جعفر: وأما غير سيف فإنه ذكر من خبر هذه الوقعة، وأمر الزبير، وانصرافه عن الموقف الذي كان فيه ذلك اليوم غيرَ الذي ذكر سيف عن صاحبيه، والذي ذكر من ذلك بعضُهم ما حدّثَنيه أحمد بن زهير، قال: حدّثنا أبي أبو خَيْثمة، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: سمعتُ أبي قال: سمعتُ يونس بنَ يزيد الأيْليّ عن الزّهريّ، في قصة ذكرها من خبر عليّ، وطلحة، والزبير، وعائشة في مسيرهم الذي نحن في ذكره في هذا الموضع. قال: وبلغ الخبرُ عليًّا - يعني: خبرَ السَّبْعين الذين قُتلوا مع العبديّ بالبصرْة - فأقبل -يعني: عليًّا- في اثني عشر ألفًا، فقدِم البصرة، وجعل يقول:

يَا لَهْفَ نَفسي على رَبيعَهْ ... رَبيعَةَ السامعَةَ المُطيعَهْ

سُنَّتُها كانت بها الوَقيعَهْ

فلما تواقفوا خرج عليّ على فرسه، فدعا الزبيرَ، فتواقفا، فقال عليّ للزبير: ما جاء بك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلًا، ولا أولى به منّا؛ فقال عليّ: لستَ له أهلًا بعد عثمان! قد كنا نَعدُّك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنُك ابنُ السوء ففرَّق بيننا وبينك؛ وعظّم عليه أشياء، فذكر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرّ عليهما، فقال لعليّ: "ما يقول ابن عمتك؟ ليُقاتِلنّك وهو لك ظالم". فانصَرَف عنه الزبير،


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>