للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥ م- حدّثني عبد الله بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني سليمان، قال: حدّثني عبد الله، عن مَعمَر، عن همّام بن منبّه، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: ما رأيت أحدًا أخلقَ للمُلك من معاوية، إن كان ليردُ الناس منه على أرجاءِ وادٍ رحْب، ولم يكن كالضّيق الخُضْخض، الحصِر -يعني ابن الزُّبَيْر (١). (٥: ٣٣٧).


(١) إسناده صحيح وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (ح ٢٠٩٨٥) والخبر أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ٣٢٧) من طريق همام بن منبه قال: سمعت ابن عباس دون زيادة (ابن الزبير) ولعل هذه الزيادة مدرجة من أحد الرواة والله أعلم.

الخليفة المجاهد أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - (٤١ - ٦٠) هـ
لقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}، وأمرنا سبحانه أن نتعظ وننتفع من تأريخ السالفين الغابرين فللتأريخ البشري سنن لا نتخلف عنها مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} وقد وضّح القرآن الكريم عديدًا من السنن التأريخية لا مجال لذكرها هنا ولكنا نريد أن نقول ردًّا على أستاذ للتأريخ معروف قال في إحدى المؤتمرات المفتوحة: إننا نحن المسلمون نكتب أو نقرأ أحيانًا تأريخنا كما نريد لا كما هو، فنقول: أولًا هذا هو ميزان السند وماله من ضوابط نستطيع أن نميز به مبدئيًا بين الغث والسمين بين الواقعة التأريخية كما هي وبين زيادة الضعفاء وافتراء الكذابين وتحريف المبتدعة الغالين.
وبالإضافة إلى السند فلمتن الرواية التأريخية قواعد أخرى لا تخفى على الناقد البصير.
ونحن في تحقيقنا هذا بعد أن ميّزنا الرواية التأريخية الصحيحة السند عن ضعيفها وجدنا أن المتن المنكر لا بد له من سند منكر يتكئ عليه أو على الأقل سند شديد الضعف لا ينجبر ضعفه، ولقد تبيّن لنا في تحقيقنا لعهد الخلفاء الراشدين أن لا مطعن (على سيرة الخلفاء الأربعة) يستند إلى دليل تأريخي صحيح - وناقشنا التفاصيل في حينها- وأما بالنسبة لحكم الصحابي الجليل معاوية - رضي الله عنه - فبعد فرزنا للروايات التأريخية الصحيحة (ونسأل الله أن قد وفقنا في ذلك) نقول:
لقد اجتهد معاوية - رضي الله عنه - بصفته إمامًا أجمع المسلمون على بيعته بعد صلحه مع الحسن نقول اجتهد فأصاب في مرات عديدة ولم يصب في مرتين نسأل الله أن يرزقه أجر الاجتهاد ويغفر له ويرحمه.
أما الأولى: التي اجتهد فيها ولم يصب فهو اشتراطه أن لا يبايع أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - حتى يقيم القصاص من قتلة سيدنا عثمان - رضي الله عنه - وكان يتأول بذلك قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} ولكنه لم يصب في اجتهاده هذا فلم يصب في =

<<  <  ج: ص:  >  >>