للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= خروجه على طاعة الإمام الأعظم فكان أمير المؤمنين علي أولى بتفسير الآية فهو ولي أمر عثمان قبل معاوية، ولكن اجتهاده هذا وخروجه ذلك لا يطعن في عدالته كصحابي وهذا هو مذهب أئمة أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا. عليه الصحابة من خروجه على الإمام وغير ذلك- وكما قال المسور: (فلم أدع شيئًا أعيبه عليه إلا أخبرته به، فقال: لا تبرأ من الذنوب فهل لك من ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك؟ قال: قلت نعم إن لي ذنوبًا إن لم يغفرها هلكت بسببها، قال فما الذي يجعلك أحق بأن ترجو أنت المغفرة مني فوالله لما إليّ من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والإصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام لا يحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر مما نذكر من العيوب والذنوب وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات والله على ذلك ما كنت لأخيّر بين الله وغيره إلا اخترت الله على غيره مما سواه قال: (أي المسور بين مخرمة) ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني قال: فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير).
والحديث أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة - ورجاله رجال الصحيح (البداية والنهاية ٨/ ١٣٦).
وقال ابن كثير: وقد رواه شعيب عن الزهري عن عروة عن المسور بنحوه.
قلنا: وأخرجه ابن عساكر كذلك من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قدم المسور وافدًا على معاوية ... إلخ (مختصر تأريخ دمشق / ترجمة معاوية / ٤٧).
وكذب من قال من المستشرقين بأن معاوية - رضي الله عنه - خرج على أمير المؤمنين علي لأنه ينافسه على السلطة أو لأنه لا يحبه وغير ذلك من الأسباب الواهية وقد ذكرنا في خلاصة القول في وقعة صفين أن معاوية كان يقرّ بأحقية خلافة سيدنا علي ويرى عليًّا خيرًا وأفضل من سابقه ولكن اشتراط القصاص من قتلة عثمان قبل أن يبايع لعلي وكان ذلك منه اجتهادًا وإلا فهو يعلم فضل عليٍّ في العلم والحزم والإدارة والسبق إلى الإسلام.
وغير ذلك وقد كررنا مرارًا رواية أبي مسلم الخولاني عندما قال لمعاوية: أنت تنازع عليًّا أم أنت مثله؟ فقال: إني لأعلم أنه خير مني وأفضل وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا وأنا ابن عمه وأنا أطلب بدمه ... الخبر) (سير أعلام النبلاء ٣/ ١٤٠) و (البداية والنهاية ٨/ ١٢٩) ورجاله ثقات.
ونزيد هنا رواية أخرى أخرجها ابن عساكر في تأريخ دمشق (ترجمة معاوية) عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم- قال أريد جوابك ... الخبر) وفيه ما يدل على غضب معاوية من كلام الرجل إذ تتمة الخبر كالآتي:
(قال ويحك لقد كرهت رجلًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغرّه بالعلم غرًا ولقد قال له أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي من بعدي -ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله فيأخذ عنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>