فأما كسرى فمزق كتابه، ولم ينظر فيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مزق ومزقت أمته). أخرجه الحافظ أبو عبيد في كتاب الأموال (٢٣/ ٥٩) وهذا يعني أن للحديث طريقين مرسلين ولكن مع تعدد المخارج. وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/ ٢ / ١٤٧) عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود وسنده مرسل صحيح وقال المحدث الألباني رحمه الله تعالى في تعليقه على الرواية: حديث حسن أخرجه ابن جرير (٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧) عن يزيد بن أبي حبيب مرسلًا وابن سعد في الطبقات (ج ١ ق ٢ ص ١٤٧) عن عبيد الله بن عبد الله مرسلًا أيضًا وسنده صحيح. ووصله ابن بشران في الأمالي من حديث أبي هريرة بسند واه. (السيرة النبوية للغزالي / تحقيق الألباني / ٣٨٩).
- مسألة اختلاف المؤرخين في تحديد السنة التي كانت فيها هذه البعوث إلى ملوك الأرض آنذاك - قلنا: الواضح أن الإمام الطبري رحمه الله تعالى وهو إمام المؤرخين قد ذكر أمر هؤلاء الرسل في نهاية الأحداث التي وقعت سنة (٦) هـ. لكن الإمام البخاري أخرج الرواية التي تتحدث عن رسالة كسرى في أعقاب غزوة تبوك سنة (٩) هـ (فتح الباري ٨/ ١٢٨). وقد ذهب العلماء المتأخرون في ذلك مذاهب ذكرها الأستاذ العمري وناقشها نقاشًا نفيسًا فضلنا أن نذكر ما قاله وبدون تصرف: يقول الأستاذ العمري حفظه الله:
رسائل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك والأمراء أتاح صلح الحديبية الفرصة لتوسيع نطاق الدعوة إلى الإِسلام داخل الجزيرة وخارجها حيث أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر، وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، وعمرو بن أمية الضمري إلى نجاشي الحبشة، وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس حاكم مصر، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي في اليمامة وقد أرّخ الواقدي والطبري إرسال هؤلاء الرسل في ذي الحجة سنة (٦) هـ. وأرّخ ابن سعد ذلك في محرم من العام السابع وتابعه ابن القيم. تأريخ الطبري (٢/ ٢٨٨) جـ ١ مصر، وسيرة ابن هشام (٤/ ٢٧٩) ونضيف: بعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعباد ابني الجلندي وسند ابن هشام منقطع وبينه وبين راويه مجهول وراويه هو أبو بكر الهذلي أخباري متروك الحديث (تقريب ٢/ ٤٠١) وطبقات ابن سعد (١/ ٢٥٨) (جـ ١ بيروت) من رواية الواقدي بأسانيده إلى أربعة من الصحابة لكن الواقدي متروك عند المحدثين، ومعظم أخبار الرسل ساقها ابن سعد من هذه الطريق وقد ألف بين الروايات وجمع كلام الصحابة الأربعة - وأدخل بعضه في بعض وساقه مساقًا واحدًا وساق ابن سعد بعض أخبار إرسال بقية الرسل ولكن من طريق هشام الكلبي وهو ضعيف، وعلي بن محمَّد المدائني وهو صدوق (سير =