شراءُ الجمل لعائشة رضي الله عنها، وخبرُ كلاب الحوْءب
٩٤٤ - حدّثني إسماعيلُ بن موسى الفزاريّ، قال: أخْبرنا عليّ بن عابس الأزْرَق، قال: حدّثنا أبو الخطّاب الهجَريّ عن صفْوان بن قبيصة الأحمسيّ، قال: حدّثني العُرَنيّ صاحب الجَمَل، قال: بينما أنا أسيرُ على جَمَل إذ عَرَض لي راكبٌ، فقال: يا صاحبَ الجمل، تبيعُ جملَك؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلتُ: بألْف درهم، قال: مَجنون أنت! جَمَلٌ يُباع بألف درهم! قال: قلت: نعم، جملي هذا، قال: وممّ ذلك؟ قلت: ما طلبتُ عليه أحدًا قَطُّ إلّا أدركته، ولا طَلبني وأنا عليه أحدٌ إلا فُتّه. قال: لو تَعْلم لمن نُريده لأحْسَنْتَ بيعنا، قال: قلت: ولمن تريده؟ قال: لأمّك، قلتُ: لقد تركتُ أمي في بيتها قاعِدةً ما تريد بَراحًا، قال: إنما أريدُه لأمّ المؤمنين عائشة، قلت: فهو لك، فخُذْه بغَيْر ثمن، قال: لا، ولكن ارجع معنا إلى الرّحل فَلْنُعْطِك ناقة مهريّة ونزيدُك دراهِمَ، قال: فرجعْتُ، فأعطوْني ناقةً لها مَهْرية، وزادوني أربعمئة أو ستمئة درهم، فقال لي: يا أخا عُرَيْنة! هل لك دَلالة بالطريق؟ قال: قلت: نعم، أنا من أدْرك الناس، قال: فسِرْ معنا، فسِرْتُ معهم فلا أمرّ على واد ولا ماء إلّا سألوني عنه؛ حتى طرقْنا ماء الحوْءب فنبحتْنا كلابُها، قالوا: أيّ ماء هذا؟ قلتُ: ماء الحوْءب، قال: فصرخت عائشةُ بأعْلَى صوتها، ثم ضربت عَضُد بعيرها فأناخَتْه، ثم قالت: أنا والله صاحِبةُ كلاب الحوْءب طرُوقًا، رُدّوني! تقول ذلك ثلاثًا. فأناخَتْ وأناخوا حَوْلَها وهم على ذلك، وهي تأبى حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغَد. قال: فجاءها ابن الزّبير فقال: النّجاء النّجاء! فقد أدْركَكُم والله عليّ بن أبي طالب! قال: فارتَحلوا، وشَتموني، فانصرفْتُ، فما سِرْت إلَّا قليلًا وإذا أنا بعليّ ورَكْب معه نحو من ثلاثمئة، فقال لي عليّ: يا أيّها الراكب! فأتَيْته، فقال:
= وتقولهم على علي ما لم يقله كعبارة (ووالله ما زلت مقهورًا مذ وليت) وحاشا لعلي أن يقول مثل هذا الكلام كيف وهو لم يخش طول حياته غير الواحد القهار يوم أن بقي في فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وصناديد قريش حول البيت يتربصون الدوائر. وعليٌّ المعروف بالفصاحة والبلاغة والأدب لا يجد عبارة يعبّر عنها إلا عبارة (أتريد أن أكون مثل الضبع التي يحاط بها ويقال: دباب دباب) وحاشاه رضي الله عنه من هذا الكلام الذي لم يصح سندًا ولا متنًا.