التعريف بالوقت الذي تضبط به الأحوال من مولد الرواة والأئمة ووفاة وصحة وعقل وبدن ورحلة وحج وحفظ وضبط وتوثيق وتخريج وما أشبه هذا مما مرجعه الفحص عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهم ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة من ظهور حكمة وتجديد فرض، وخليفة ووزير وغزوة وملحمة وحرب وفتح بلد وانتزاعه من متغلب عليه وانتقال دولة [الإعلان بالتوبيخ: ص ٢٠].
الكافيجي: وأما علم التأريخ فهو علم يبحث عن الزمان وأحواله وعن أحوال ما يتعلق به من حيث تعيين ذلك وتوثيقه وأما موضوعه فالإنسان والزمان [المختصر في علم التاريخ: ٣٢٧].
وأما التأريخ بمعنى التقويم فالصحيح أنه بدأ به في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين أمر المسلمين أن يجعلوا من مقدم النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة بداية التأريخ الإسلامي فسمي [الهجري]. قال السخاوي والمحفوظ كما قال ابن عساكر أن الأمر به في زمن عمر وكذا صححه الجمهور بل هو الصحيح المشهور أنه كان في خلافة عمر وأنه ابتدأ بالهجرة النبوية وبالمحرم منها [الإعلان بالتوبيخ / ٩٥].
[أسباب اهتمام الأمة المسلمة بكتابة التأريخ]
١ - لاهتمام القرآن الكريم بقصص الأنبياء والأمم السابقة وبيان أحوالهم واستخراج الدروس والعبر من أحوالهم ومآلهم وكذلك قصص الفراعنة وقارون وغير ذلك كقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ}.
٢ - اهتمام القرآن الكريم بدراسة تبدل الأحوال والأوضاع وحثّ الناس على تدبّر الوقائع واكتشاف سنن الله في الكون ومنها السنن التأريخية كقوله تعالى:{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} وقوله سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَينَ النَّاسِ}.
٣ - اهتمت السنة النبوية الشريفة بقصص الأنبياء والصالحين من الأمم السابقة وإستنباط العظات والعبر -كقوله عليه الصلاة والسلام:"إنه كان فيمن قبلكم ... الحديث".