فهذه مرحلة أخرى من مراحل تحقيقنا وتخريجنا لأخبار الطبري وتعليقنا عليه. يبدأ من حوادث سنة ١٩٣ هـ، ونرجوا أن ينتهي بأحداث سنة ٣٠٢ هـ بإذنه تعالى.
للمرة الأولى لم نفصل بين (الصحيح) من جهة و (الضعيف والمسكوت عنه) من جهة وإنما أبقينا جميع الأقسام مع بعضها وللأسباب التالية:
أولًا: بالإضافة إلى اختفاء الإسناد بصورة تكاد تكون تامة عند خليفة بن خياط والبسوي (وهما مؤرخان متقدمان ثقتان محايدان) فإن تسجيلهما للأحداث كذلك قلّ إلى درجة كبيرة حتى أن القارئ يستغرب حينما يجد البسوي يقتصر في ذكره لأحداث سنة معينة على ذكر الحجّ فقط مع بعض - الوفيات، وكذلك الحال بالنسبة لخليفة عندما لا يتجاوز خبره عن وقاخ سنة بِكاملها مثلًا سطرًا أو سطرين ولعلّه اختصر حوادث سنين عدة في صفحة واحدة.
وبما أن كتاب تأريخ خليفة والمعرفة والتأريخ للبسوي هما المصدران الرئيسان لمقارنتنا مع مرويات الطبري فإننا والحال هذه اضطررنا لعدم الفصل بين الصحيح والمسكوت عنه والضعيف حتى لا نترك فجوة أو فراغًا واسعًا في كتابة التأريخ وأحداثه - هذا مع الأسباب الأخرى -.
ثانيًا: وفيما يتعلق بتأريخ الطبري نفسه فإنه قد اختزل الحديث عن وقائع بعض السنين حتى بلغت في بعضها صفحة واحدة أو أقل ناهيك عن ندرة استعماله للإسناد إلا في مواضع كذكره لسير الخلفاء وحتى في هذه المواضع تراه يُسْنِدُ الخبر عن مجاهيل أو شعراء عرفوا بالمجون وغير ذلك.