للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= لما أقدم عليه ثم جاء عزمة فبايعت، فلما قالوا: يا أمير المؤمنين! فكأن صدع قلبي وانسكبت عبرة).

افتراء بروكلمان حول موقف سيدنا عثمان من الفتنة
يقول بروكلمان: [عندئذ طلب إليه الثائرون بتسليم أن يستقيل ما دام من الممكن أن يجري شيء كهذا من غير علمه، ولكن عثمان رفض في أنفة وكبر] (تأريخ الشعوب الإسلامية / ١١٤) ولو قال بروكلمان عن غير عثمان رضي الله عنه أنه يتكبر؛ لكان الأمر أهون أما الرجل الذي يقطر حياء وأدبًا، ولو كان متكبرًا يا بروكلمان فكيف سمحت له الأنفة والكبرياء أن يخرج إليهم ويسمع من يمثلهم وهو شاب صغير بينما أمير المؤمنين قد طعن في السن! ! إن من الغرابة وليس من الغرابة في نفس الوقت أن تقول هذا، فمن الغرابة أن تقول هذا لأن الوقائع تكذب ما تقول وليس من الغرابة لأنك لا تفهم أو تريد ألا تفهم أو يفهم الناس السبب الحقيقي وراء رفض عثمان رضي الله عنه لطلب العزل والإقالة، وإليك ما صح سندًا ومتنًا حتى تتبين لك الأسباب الحقيقية لهذا الرفض:
أخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عثمان! إن ولّاك الله هذا الأمر يومًا، فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه" يقول ذلك ثلاث مرات، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه ١/ ٢٥).
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عهد سأصبر عليه. قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إليه فيما يكون من أمره) وصححه الألباني (السنة لابن أبي عاصم ٢/ ٥٦١). وأحاديث كثيرة ذكرت في فضائل الصحابة تؤكد: أن إصراره على عدم التنازل عن الخلافة كان امتثالًا منه لأوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان رحمه الله ورضي عنه يعلم أنه سيقتل فأيَّة أنفة وأيُّ كبر يا بروكلمان! أم أنه الكبر الذي ورثته من أسلافك المستشرقين الذي يأنفون ويتكبرون أن يروا حضارة لا تمتُّ إلى الغرب بصلة ولها تأريخ مشرف لا تحلمون حتى به ناهيك عن وقوعه في بلادكم، وهذه مذابح الثورة والثورة المضادة في أيام الثورة الفرنسية ومذابحها الرهيبة خير شاهد وليس ببعيد وكم وكم وكم من أمثلة؟
ويقول بروكلمان أيضًا: (فانقضُّوا على المنزل من الأرض المجاورة وقتلوا الخليفة الذي كان يتلو القرآن في هدوء من غير أن يشترك في المعركة) (تأريخ الشعوب / ١١٤).
ويا ليت بروكلمان بيّن لنا ما السبب في هذا الهدوء العجيب الذي تحلّى به الخليفة وهو محاصر بين سيوف شهرت للانقضاض عليه، وهذه رواية تبين السبب وتبطل العجب:
فقد أخرج أحمد في فضائل الصحابة عن مسلم (أبي سعيد) مولى عثمان رضي الله عنه قال: (أعتق عثمان بن عفان عشرين مملوكًا، ودعا بسراويل، فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا في إسلام، قال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البارحة في النوم، ورأيت أبا بكر، وعمر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>