والوجوه، وتوجَّه العباس بن محمَّد ومحمد بن سليمان إلى مكّة ليبايع أهلَها بها؛ وكان العباس يومئذٍ المتكلم، فبايع النَّاس للمهديّ بين الركن والمقام، وتفرّق عِدّة من أهل بيت المهديّ في نواحي مكّة والعسكر فبايعه النَّاس، وأخذ في جِهاز المنصور وغسله وكفنه، وتولّى ذلك من أهل بيته العباس بن محمَّد والربيع والرّيان وعدّة من خَدمه ومواليه، ففرغ من جهازه مع صلاة العصر، وغطّى من وجهه وجميع جسده بأكفانه إلى قُصاص شعره، وأبدى رأسه مكشوفًا من أجل الإحرام، وخرج به أهل بيتِه والأخصُّ من مواليه، وصلّى عليه - فيما زعم الواقديّ - عيسى بن موسى في شِعب الخوز.
وقيل: إن الذي صلّى عليه إبراهيم بن يَحْيَى بن محمَّد بن عليّ. وقيل: إنّ المنصور كان أوصى بذلك؛ وذلك أنَّه كان خليفتَه على الصَّلاة بمدينة السَّلام.
وذَكر عليّ بن محمَّد النوفليّ، عن أبيه، أنّ إبراهيم بن يَحْيَى صَلَّى عليه في المضارب قبل أن يُحمل؛ لأنَّ الرَّبيع قال: لا يصلِّي عليه أحد يطمع في الخلافة، فقدّموا إبراهيم بن يَحْيَى - وهو يومئذٍ غلام حَدَث - ودفن في المقبرة التي عند ثَنِيَّة المدنيين التي تسمّى كذا، وتسمى ثَنيَّة المَعْلاة؛ لأنَّها بأعلَى مكّة، ونزل في قبره عيسى بن عليّ والعباس بن محمَّد وعيسى بن موسى، والربيع والرّيان موْلياه، ويقطين بن موسى.
وفي هذه السنة هلك طاغية الروم.
* * *
[ذكر الخبر عن صفة أبي جعفر المنصور]
ذُكر أنَّه كان أسمر طويلًا، نحيفًا، خفيفَ العارضين.
وكان وُلِدَ بالحُمَيْمة.
* * *
[ذكر الخبر عن بعض سيره]
ذُكر عن صالح بن الوجيه، عن أبيه، قال: بلغ المنصورَ أن عيسى بن موسى