٤٢ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق، قال: وحدّثني عبيد الله بن المغيرة بن مُعَيقِيب، وعبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، أنّ أسعدَ بن زرارة خرج بمُصْعَب بن عمير، يريد به دارَ بني عبْد الأشهل، ودار بني ظَفَر؛ وكان سعد بن مُعاذ بن النّعمان بن امرئ القيس، ابن خالة أسعد بن زرارة، فدخل به حائطًا من حوائط بني ظَفَر، على بئر يقال لها بئر مَرْق؛ فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجالٌ ممّن أسلم، وسعد بن معاذ وأسيْد بن حُضَير يومئذ سيّدا قومهما من بني عبد الأشْهل؛ وكلاهما مُشرِك على دين قومه، فلمّا سمعا به، قال سعد بن مُعاذ لأسَيد بن حُضَير: لا أبا لك! انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفّها ضعفاءنا، فازجرهما وانههما أن يأتيَا دارنا، فإنه لولا أنّ أسعد بن زرارة منّا حيت قد علمت، كفيتُك ذلك؛ هو ابن خالتي، ولا أجد عليه مقدَمًا، فأخذ أسَيد بن حُضير حَرْبَتَه. ثم أقبل إليهما؛ فلما رآه أسْعَد بن زُرارة قال لمُصْعَب: هذا سيّد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه. قال مُصعب: إنْ يجلسْ أكلّمه، قال: فوقف عليهما مُتَشَتِّمًا، فقال: ما جاء بكما إلينا، تسفّهان ضعفاءنا! اعتزلانا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة. فقال له مُصعب: أوَ تجلسُ فتسمع، فإن رضيتَ أمرًا قبلته، وإن كرهته كُفّ عنك ما تكره؟ قال: أنصفت؛ ثم ركز حربته وجلس إليهما، فكلّمه مُصعَب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن، فقالا فيما يذكر عنهما: والله لَعَرفْنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلّم، في إشراقه وتسهّله. ثم قال: ما أحسنَ هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدّين؟ قالا له: تغتسل، فتطهّر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحقّ، ثم تصلّي ركعتين.
قال: فقام فاغتسلَ، وطهّر ثوبيه، وشهد شهادة الحقّ، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إنّ ورائي رجلًا، إن اتّبعكما لم يتخلّف عنه أحدٌ من قومه، وسأرسله إليكما الآن؛ سعد بن معاذ، ثم أخذ حربتَه، وانصرف إلى سعد وقومه، وهم جلُوس في ناديهم؛ فلمّا نظر إليه سعد بن مُعاذ مقبلًا، قال: أحلفُ بالله، لقد جاءكم أسَيد بن حُضَير بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم؛ فلمّا وقف