لقد ذكر الطبري رحمه الله روايات كثيرة في هذا الباب استغرقت الصفحات (١/ ٨١) إلى (١/ ٨٨) ويبدو أن تلك الروايات لم تصل إلى درجة يحتج بها الطبري ولذلك قال في نهاية هذه الروايات: (عندما تحدث عن الأسباب المحتملة لإخراج إبليس من رحمة الله وإبعاده عنها): ولا يُدرَكُ علم ذلك إلَّا بخبر تقوم به الحجة ولا خبر في ذلك عندنا كذلك، والاختلاف في أمره على ما حكيناه ورويناه. (تأريخ الطبري ١/ ٨٨). قلنا: ولقد ذكرنا جميع هذه الروايات في قسم الضعيف ونود أن نذكر هنا الروايات: فقد أخرج رحمه الله نماذج من روايات الطبري هذه منها ما تذكر أن إبليس كان رئيس ملائكة سماء الدنيا، أو أنه كان خازنًا من خزنة الجنة، أو أنه كان يدبر أمر السماء الدنيا ... إلخ تلك الروايات). ثم عقب الحافظ ابن كثير قائلًا: وقد روى في هذا آثارًا كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تُنقل ليُنظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها. ومنها ما يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم من الحفاظ المتقنيين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين. كما لهذه الأمة من الأئمة العلماء والسادة الأتقياء البررة النجباء، من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد، الذين دوّنوا الحديث وحرّروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين. وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي - خاتم الرسل وسيّد البشر، عليه أفضل التحيات والصلوات والتسليمات - أن يُنسب إليه كذب أو يتحدث عنه بما ليس منه. فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل. (تفسير القرآن العظيم ٥/ ٢١٧١). ا. هـ.