وحُدِّثت عن هشام بن محمد عن أبيه، قال: وكان يقال لعبد مناف: القمر، واسمه: المغيرة، وكانت أمّه حُبَّى دفعته إلى مناف - وكان أعظم أصنام مكة - تديُّنًا بذلك، فغلب عليه عبد مناف، وهو كما قيل له:
وقصيّ اسمه: زيد، وإنما قيل له: قصيّ؛ لأن أباه كلاب بن مرة كان تزوج أمَّ قصيّ فاطمة بنت سعد بن سيَل - واسم سيَل: خير - بن حمالة بن عوف بن غَنْم بن عامر الجادر، بن عمرو بن جُعْثمة بن يشكر من أزدشنوءة حلفاء من بني الدّيل، فولدت لكلاب زُهرة، وزيدًا، فهلك كلاب وزيد صغير، وقد شبّ زهرة وكبر، فقدم ربيعة بن حرام بن ضنّة بن عبد بن كبير بن عُذْرة بن سعد بن زيد، أحد قُضاعة، فتزوّج -فيما حدَّثنا ابن حميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن ابن إسحاق، وحدثت عن هشام بن محمد عن أبيه - فاطمةَ أمّ زهرة وقصَيّ - وزهرة رجل قد بلغ، وقصيّ فطيم أو قريب من ذلك - فاحتملها إلى بلاده من أرض بني عُذْرة من أشراف الشأم، فاحتملتْ معها قصَيًّا لصغره، وتخلّف زُهرة في قومه، فولدت فاطمة بنت سعد بن سيَل لربيعة بن حرام رزاح بن ربيعة، فكان أخاه لأمّه، وكان لربيعة بن حرام ثلاثة نفر من امرأة أخرى؛ وهم حُنّ بن ربيعة، ومحمود بن ربيعة، وجُلْهمة بن ربيعة، وشبّ زيد في حِجْر ربيعة، فسمِّي زيد قُصيًّا لبعد داره عن دار قومه، ولم يبرح زهرة مكّة، فبينا قصيّ بن كلاب بأرض قضاعة لا ينتمي -فيما يزعمون- إلَّا إلى ربيعة بن حرام؛ إذ كان بينه وبين رجل من قُضاعة شيء - وقد بلغ قصيّ، وكان رجلًا شابًّا - فأنّبه القضاعيّ بالغربة وقال له: ألا تلحق بقومك، ونسبك، فإنك لست منّا؛ فرجع قصيّ إلى أمّه، وقد وجَد في نفسه مما قال له القضاعيّ، فسألها عَمّا قال له ذلك الرجل، فقالت له: أنت والله يا بنيّ أكرم منه نفسًا، ووالدًا، أنت ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشيّ، وقومُك بمكّة عند البيت الحرام، وفيما حوله، فأجمع قصيٌّ الخروج إلى قومه واللحوق بهم، وكره الغربة بأرض قُضاعة، فقالت له أمّه: يا بنيّ لا تعجل بالخروج حتى يدخل عليك الشهر الحرام، فتخرج في حاجّ العرب، فإني أخشى عليك أن يُصيبك بعضُ