جسرًا من موضع معسكره، وعبَر إلى الملبّد، وعلى مقدّمته وطلائعه نَضلَة بن نعيم بن خازم بن عبد الله النهشليّ، وعلى ميمنته زُهير بن محمد العامريّ، وعلى ميسرته أبو حماد الأبرص مولى بني سليم، وسار خازم في القلْب، فلم يزل يساير الملبّد وأصحابه حتى غشيَهم الليل ثم تواقفوا ليلتَهم، وأصبحوا يوم الأربعاء، فمضى الملبَّد وأصحابه متوجّهين إلى كورة حَزّة، وخازم وأصحابه يسايرونهم حتى غشيهم الليل، وأصبحوا يوم الخميس، وسار الملبّد وأصحابه، كأنه يريد الهرب من خازم، فخرج خازم وأصحابه في أثرهم، وتركوا خندقهم، وكان خازم تخندق عليه وعلى أصحابه بالحسَك، فلما خرجوا من خندهم كرّ عليهم الملبّد وأصحابه، فلما رأى ذلك خازم ألقى الحسَك بين يديه وبين يدي أصحابه، فحملوا على ميمنة خازم وطووْها، ثم حملوا على الميسرة وطَوَوها، ثم انتهوا إلى القلْب، وفيه خازم، فلما رأى ذلك خازم نادى في أصحابه: الأرضَ، فنز لوا ونزل الملبَّد وأصحابه، وعقروا عامة دوابّهم، ثم اضطربوا بالسيوف حتى تقطعت، وأمر خازم نضَلة بن نعيم أن إذا سطع الغبار ولم يبصر بعضنا بعضًا فارجع إلى خيلك وخيل أصحابك فاركبوها، ثم ارُموا بالنشاب، ففعل ذلك، وتراجع أصحاب خازم من الميمنة إلى الميسرة، ثم رشقُوا الملبَّد وأصحابه بالنشاب، فقُتل الملبَّد في ثمانمئة رجل ممن ترجّل، وقتل منهم قبل أن يترجلوا زهاء ثلاثمئة، وهرب الباقون، وتبعهم نَضلة فقتل منهم مئة وخمسين رجلًا. [٧/ ٤٩٧ - ٤٩٩].
[ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ومئة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
فمن ذلك ما كان من إقامة مصالح بن عليّ والعباس بن محمد بملَطْية؛ حتى استتما بناء مَلَطْية، ثم غزوا الصائفة من دَرْب الحديث، فوغَلا في أرض الروم - وغَزا مع صالح أختاه: أم عيسى ولبابة ابنتا عليّ؛ وكانتا نذرتا إن زال ملك بني أميّة أن تجاهدا في سبيل الله.
وفي هذه السنة كان الفداء الذي جرى بين المنصور وصاحب الرّوم؛ فاستنقذ المنصور منهم أسَراء المسلمين، ولم يكن بعد ذلك - فيما قيل - للمسلمين صائفة