للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر أخبار صاحب الزنج مع جُعلان]

* وفي هذه السنة وافَى جعلان البصرة لحرب صاحب الزنج.

* ذكر الخبر عما كان من أمرهما هنالك:

ذكر أن جُعلان لما صار إلى البصرة زحف بعسكره منها، حتى صار بينه وبين عسكر صاحب الزَّنْج فرسخ، فخندق على نفسه ومَنْ معه، فأقام ستة أشهر في خندقه، فوجّه الزينبيُّ وُبَريه وبنو هاشم ومَنْ خفّ لحرب الخبيث، من أهل البصرة في اليوم الذي تواعدهم جعلان للقائه، فلما التقوْا لم يكن بينهم إلا الرميُ بالحجارة والنشاب، ولم يجد جعلان إلى لقائه سبيلًا لضيق الموضع بما فيه من النخل والدّغل عن مجال الخيل، وأصحابه أكثرهم فرسان (١).

فذكر عن محمد بن الحسن أنّ صاحب الزنج قال: لمّا طال مقام جُعلان في خندقه، رأيتُ أن أخفِيَ له من أصحابي جماعة يأخذون عليه مسالك الخندق، ويبيّتونه فيه، ففعل ذلك، وبيته في خندقه، فقُتِل جماعة من رجاله، ورِيع الباقون رَوْعًا شديدًا، فترك جعلان عسكره ذلك، وانصرف إلى البصرة؛ وقد كان الزينبيّ قبل بيات الخبيث جعلان جمع مقاتلة البلالية والسعدية، ثم وجّه لهم من ناحية نهر نافذ وناحية هَزَارْدر، فواقعوه من وجهين، ولقيهم الزَّنْج، فلم يثبتوا لهم، وقهرهم الزّنج، فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، وانصرفوا مفلولين، وانحاز جعلان إلى البصرة، فأقام بها وظهر عجزه للسلطان.


= حكّمتموه فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الزاهر
لا يقبل الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر
فقال له المهتدي: أما أنت أيها الرجل فجزاك الله خيرًا وأما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت في المصحف {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} فما رأيت باكيًا أكثر من بكائه ذلك اليوم. اهـ.
(١) انظر المنتظم (١٢/ ١٠١) فقد ذكر الخبر كما عند الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>