[ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومئتين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
[ذكر غزاة وصيف التركيّ الروم]
فمن ذلك ما كان من إغزاء المنتصر وصيفًا التركي صائفة أرض الروم (١).
* ذكر الخبر عن سبب ذلك، وما كان في ذلك من وصيف:
ذُكر أنّ السبب في ذلك أنه كان بين أحمد بن الخصيب ووصيف شحناء وتباغض؛ فلمّا استُخلف المنتصر، وابن الخصيب وزيرُه؛ حرَّضَ أحمد بن الخصيب المنتصر على وصيف، وأشار عليه بإخراجه من عسكره غازيًا إلى الثّغر؛ فلم يزل به حتى أحضره المنتصر، فأمره بالغزو.
وقد ذُكر عن المنتصر أنه لمّا عَزَم على أن يُغزي وصيفًا الثغر الشاميّ، قال له أحمد بن الخصيب: ومَنْ يجترئ على الموالي حتى تأمر وصيفًا بالشخوص! فقال المنتصر لبعض من الحجَبة: ائذن لمن حضر الدار؛ فأذن لهم وفيهم وصيف، فأقبل عليه، فقال له: يا وصيف؛ أتانا عن طاغية الروم أنه أقبل يريد الثغور، وهذا أمر لا يمكن الإمساك عنه؛ فإمّا شخصتَ وإما شخصتُ؛ فقال وصيف: بل أشخصُ يا أمير المؤمنين، قال: يا أحمد؛ انظر ما يحتاج إليه على أبْلَغ ما يكون فأقمه له. قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ما نَعمْ؟ ! قم الساعة لذلك؛ يا وصيف مُر كاتبَك يوافقه على ما يحتاج إليه، ويلزمه حتى يزيح علّتك فيه، فقام أحمد بن الخصيب، وقام وصيف، فلم يزل في جهازه حتى خرَج، فما أفلح ولا أنجح.
وذكر أنّ المنتصر لما أحضر وصيفًا وأمره بالغزو، قال له: إنّ الطاغية - يعني ملك الروم - قد تحرّك، ولست آمنه أن يهلك كلّ ما يمرّ به من بلاد الإسلام، ويقتل ويسبي الذراريّ؛ فإذا غزوتَ وأردت الرّجعة انصرفت إلى باب أمير المؤمنين من فورِك، وأمر جماعة من القوّاد وغيرهم بالخروج معه وانتخب له