الرجال؛ فكان معه من الشاكريّة والجند والموالي زُهاء عشرة آلاف رجل؛ فكان على مقدّمته في بدأته مُزاحم بن خاقان؛ أخو الفتح بن خاقان؛ وعلى السَّاقة محمد بن رجاء، وعلى الميمنة السنديّ بن بختاشة، وعلى الدّرّاجة نصر بن سعيد المغربيّ؛ واستعمل على الناس والعسكر أبا عون خليفته؛ وكان على الشّرْطة بسامرّا.
* * *
وكتب المنتصر عند إغزائه وصيفًا مولاه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر كتابًا نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله محمد المنتصر بالله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله مولى أمير المؤمنين.
سلام عليك؛ فإن أميرَ المؤمنين يحمَد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلّيَ على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، أما بعد: فإنّ الله - وله الحمد على آلائه والشكرُ بجميل بلائه - اختار الإسلام وفضّله، وأتمّه وأكمله، وجعله وسيلة إلى رضاه ومثوبته، وسبيلًا نَهْجًا إلى رحمته، وسبَبًا إلى مذْخُور كرامته؛ فقهر له مَنْ خالفه، وأذلّ له من عَنَدَ عن حقه، وابتغى غير سبيله، وخصَّه بأتمّ الشرائع وأكملها، وأفضل الأحكام وأعدلِها؛ وبعث به خيرته مِنْ خلقه وصفوته من عباده محمّدًا - صلى الله عليه وسلم -، جعل الجهاد أعظَم فرائضه منزلةً عنده، وأعلاها رتبة لديه، وأنجَحها وسيلة إليه؛ لأن الله عزّ وجلّ أعزّ دينه، وأذلّ عُتاة الشرك، قال عز وجلّ آمرًا بالجهاد، ومفترضًا له:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وليست تمضي بالمجاهد في سبيل الله حالٌ لا يكابد في الله نَصَبًا ولا أذىً، ولا ينفق نفقة ولا يقارع عدوًّا، ولا يقطع بلدًا، ولا يطأ أرضًا؛ إلا وله بذلك أمر مكتوب، وثواب جزيل، وأجر مأمول، قال الله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا