للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استماع الجن لتلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإسلامهم]

٣٨ - ثم إنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من الطّائف راجعًا إلى مكّة حين يئس من خبرِ ثقيف، حتى إذا كان بنخلة، قام من جوَفْ الليل يصلّي، فمرّ به نفرٌ من الجنّ الذين ذكر الله عزّ وجلّ.

قال محمدّ بن إسحاق: وهم -فيما ذكر لي- سبعة نفر من جنّ أهل نَصيبين اليمن، فاستَمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولّوْا إلى قومهم مُنْذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، فقصّ الله عزَّ وجلَّ خَبَرهم عليه: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} إلى قوله: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (١). وقال: {قُلْ أُوحِيَ


(١) ذكر ابن إسحاق هذا الأثر بلاغًا وسنذكر له شواهد عدة تؤكد صحة ورود الجن واستماعهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن.
١ - فقد أخرج أبو نعيم في (الدلائل / ٣٠٤) والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٢٨) والحاكم (٢/ ٤٥٦) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا: أنصتوا قالوا: صه. وكانوا سبعة أحدهم زوبعة فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} الآية إلى {ضَلَالٍ مُبِينٍ} واللفظ للبيهقي، والبيهقي أورده بلفظ سبعة موافقًا لما عند الطبري (بلاغًا). وكذلك أخرجه الطبري مسندًا في تفسيره للآية في سورة الأحقاف (٢٦/ ٣٠) عن ابن عباس: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} قال: كانوا سبعة نفر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلًا إلى قومهم- وقد ذكر ابن كثير رواية الطبري هذه قائلًا، وقد روى عن ابن عباس غير ما ذكر عنه أولًا من وجه جبير فقال ابن جرير: [حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الحميد الحماني، حدثنا النضر بن عربي عن عكرمة عن ابن عباس في قوله ... ثم ذكر الحديث].
واعتبر البيهقي هذه الرواية حكاية عن قصة سماع الجن لتلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرة الأولى. أما:
٢ - القصة الأخرى كما يسميها الحافظ البيهقي في الدلائل (٢/ ٢٢٩) فمن طريق الشعبي عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود هل صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن منكم أحد؟ فقال ما صحبه منا أحد. ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة فقلنا: اغتيل، استطير، ما فعل؟ قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح أو قال في السحر إذ نحن به يجيء من قِبَل حراء، فقلنا: يا رسول الله، فذكروا الذي كانوا فيه فقال: - إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. والحديث أخرجه مسلم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>