الكلمة، ولا تتفرّق الألفة، وألّا يقع بأس هؤلاء القوم بينهم، فعَذَره وقَبِل منه.
قال: ثمّ إنَّ أصحاب سليمان بن صُرَد خرجوا ينشرون السلاح ظاهرين، ويتجهّزون يجاهرون بجهازهم وما يُصلِحهم (١). (٥: ٥٥٩ - ٥٦٣).
[ذكر الخبر عن فراق الخوارج عبد الله بن الزبير]
وفي هذه السنة فارق عبد الله بن الزبير الخوارجُ الذين كانوا قَدِموا عليه مكة، فقاتلوا معه حصين بن نمير السَّكونيّ، فصاروا إلى البصرة، ثمّ افترقت كلمتُهم فصاروا أحزابًا.
ذكر الخبر عن فراقهم ابن الزبير، والسبب الذي من أجله فارقوه، والذي من أجله افترقتْ كلمتهم:
حُدّثت عن هشام بن محمَّد الكلبيّ، عن أبي مخنف لوط بن يحيى قال: حدّثني أبو المخارق الراسبيّ، قال: لما ركب ابن زياد من الخوارج بعد قتل أبي بلال ما ركِب، وقد كان قبل ذلك لا يكفّ عنهم ولا يستبقيهم غير أنَّه بعد قتل أبي بلال تجرّد لاستئصالهم وهلاكِهم، واجتمعت الخوارجُ حين ثار ابن الزبير بمكّة، وسار إليه أهلُ الشام، فتذاكروا ما أتَى إليهم، فقال لهم نافع بن الأزرق: إنَّ الله قد أنزل عليكم الكتاب، وفَرَض عليكم فيه الجهاد، واحتجّ عليكم بالبيان، وقد جرّد فيكم السيوفَ أهلُ الظلم، وأولو العِدَا والغَشْم، وهذا من قد ثار بمكة، فأخرجوا بنا نأتِ البيت ونَلقَ هذا الرّجل، فإن يكن على رأينا جاهدْنا معه العدوّ، وإن يكن على غير رأينا دافعْنا عن البيت ما استطعنا، ونظرنا بعد ذلك في أمورنا، فخرجوا حتى قدموا على عبد الله بن الزبير، فسُرّ بمقدَمهم، ونبّأهم أنَّه على رأيهم، وأعطاهم الرّضا من غير توقُّف ولا تفتيش؛ فقاتلوا معه حتى مات يزيد بن معاوية، وانصرف أهل الشام عن مكة، ثمّ إنَّ القوم لقيَ بعضهم بعضًا، فقالوا: إنَّ هذا الذي صنعتم أمسِ بغير رأي ولا صواب من الأمر، تقاتلون مع رجل لا تدرون لعلّه ليس على رأيكم، إنما كان أمسِ يقاتلكم