هو وأبوه ينادي: يالَ ثارات عثمان! فَائْتوه وسَلُوه عن عثمان، فإنْ برئ منه؛ كان وليَّكم، وإن أبي كان عدوَّكم، فمشَوا نحوَه فقالوا له: أيها الإنسان، إنا قد قاتلنا معك، ولم نُفتِّشك عن رأيك حتى نعلم أمِنَّا أنت أم مِنْ عدوّنا! خبّرنا ما مقالتُك في عثمان؟ فنظر فإذا من حوله من أصحابه قليلٌ، فقال لهم: إنكم أتيتموني فصادفتموني حين أردتُ القيام، ولكن رُوحوا إليّ العشيّة حتى أعلمكم من ذلك الذي تريدون.
فانصرفوا، وبعث إلى أصحابه فقال: البسوا السلاح، واحضرُوني بأجمعكم العشيّة، ففعلوا، وجاءت الخوارج، وقد أقام أصحابه حولَه سِمَاطَيْن عليهم السلاحُ، وقامت جماعةٌ منهم عظيمة على رأسه بأيديهم الأعمدة، فقال ابن الأزرق لأصحابه: خشيَ الرجل غائلتَكم، وقد أزمع بخلافكم، واستعدّ لكم؛ ما تَرَوْن؟
فدنا منه ابن الأزرق، فقال له: يابن الزبير! اتّق الله رّبك، وأَبْغِض الخائن المستأثر، وعادِ أوّل من سنّ الضلالة، وأحدث الأحداث، وخالفَ حُكمَ الكتاب، فإنك إن تفعل ذلك تُرْضِ ربَّك، وتَنْج من العذاب الأليم نفسُك، وإن تركتَ ذلك فأنت من الذين استمتَعوا بخَلاقِهم، وأذهبوا في الحياة الدنيا طيِّباتِهم.
يا عبيدة بن هلال! صِف لهذا الإنسان ومن معه أسْرَنا الذي نحن عليه، والذي ندعو الناس إليه، فتقدّم عبيدة بن هلال (١). (٥/ ٥٦٣ - ٥٦٥).
قال هشام: قال أبو مخنف: وحدّثني أبو علقمة الخثعمي عن قبيصة بن عبد الرحمن القحافيّ، من خثعم، قال: أنا والله شاهدٌ عبيدة بن هلال؛ إذ تقدَّم فتكلّم، فما سمعت ناطقًا قطّ ينطق كان أبلغَ ولا أصوَبَ قولًا منه، وكان يرى رأيَ الخوارج.
قال: وإن كان لَيَجمع القولَ الكثير في المعنى الخطير، في اللفظ اليسير.
قال: فحمِد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أما بعد، فإن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يدعُو إلى عبادة الله، وإخلاص الدّين، فدعا إلى ذلك، فأجابه المسلمون، فعمِل