ذمَّه اعتقدوها قبل الهرب؟ قال: لا، ولكنَّهم لما دُعُوا، ورضوا بالخَراج، وأخذ منهم؛ صاروا ذمّة (١).
خبر عَيْن التَّمْر
١٦٢ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، والمهلَّب، وزياد، قالوا: ولما فرغ خالد من الأنبار، واستحكمت له؛ استخلف على الأنبار الزّبْرِقان بن بدر، وقصد لعين التَّمْر؛ وبها يومئذ مهران بن بهرام جُوبين في جَمع عظيم من العجم، وعَقّة بن أبي عقَّة في جمع عظيم من العرب من النَّمر، وتغلب، وإياد، ومن لافّهم. فلما سمعوا بخالد؛ قال عقّة لمهران: إنّ العرب أعلمُ بقتال العرب، فدَعْنا وخالداً، قال: صدقت، لعمري لأنتم أعلمُ بقتال العرب، وإنَّكم لمثلنا في قتال العجم. فخدعه واتَّقى به، وقال: دونكموهم وإن احتجتم إلينا أعنَّاكم. فلما مضى نحو خالد قالت له الأعاجم: ما حملك على أن تقول هذا القول لهذا الكلب! فقال: دعوني فإني لم أرِدْ إلاّ ما هو خير لكم وشرّ لهم، إنَّه قد جاءكم من قتل ملوككم، وفلَّ حدَّكم، فاتّقيتُه بهم؛ فإن كانت لهم على خالد فهي لكم؛ وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يَهِنوا، فنقاتلهم ونحن أقوياء وهم مضعَفون. فاعترفوا له بفضْل الرّأي، فلزم مِهْران العين، ونزل عَقَّة لخالد على الطريق، وعلى ميمنته بُجَير بن فلان أحد بني عتبة بن سعد بن زهير، وعلى ميسرته الهذيل بن عمران، وبينٍ عَقَّة وبين مهران رَوْحة أو غَدوة، ومِهران في الحصن في رابطة فارس، وعقَّة على طريق الكَرْخ كالخفير. فقدم عليه خالد وهو في تعبئة جنده، فعبّى خالد جندَه وقال لمجنّبتيه: اكفُونا ما عنده، فإني حامل؛ ووكَّل بنفسه حواميَ، ثمّ حمل وعقَّة يقيم صفوفه، فاحتضنه فأخذه أسيراً، وانهزم صفّه من غير قتال، فأكثروا فيهِم الأسْر، وهرب بُجَير، والهذيل، واتَّبعهم المسلمون. ولمَّا جاء الخبرُ مِهران هرب في جُنْده، وتركوا الحِصْن. ولما انتهت فُلاّل عَقَّة من العرب، والعجم إلى الحصن؛ اقتحموه، واعتصموا به؛ وأقبل خالد في النَّاس حتَّى ينزل