للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- ثم دخلت سنة أربع عشرة - ذكر ابتداء أمر القادسية]

١١٦ - كتب إليّ السريّ عن شُعيب، عن سيف، عن خُلَيد بن ذَفْرَة، عن أبيه، قال: كتب المثنَّى إلى عُمر باجتماع فارس على يَزْدَجرد وببعوثهم، وبحالِ أهل الذمَّة، فكتب إليه عمر؛ أن تَنَحَّ إلى البَرّ، وادعُ مَن يليك، وأقم منهم قريبًا على حدود أرضك وأرضهم؛ حتى يأتيَك أمري.

وعاجلتهم الأعاجم فزاحفتهم الزُّحوف، وثار بهم أهل الذمَّة؛ فخرج المثنَّى بالناس حتى ينزلَ الطّفّ، ففرّقهم فيه من أوّله إلى آخره، فأقام ما بين غُضَيّ إلى القُطْقُطانة مسالحه، وعادت مسالحُ كسرى وثغورُه، واستقرّ أمرُ فارس وهم في


= ومرويات المؤرخ المعروف المدائني. فقال: وذكر المدائني: أن يزدجر وجه مهران بعد وقعة الجسر وأمره أن يبعث المسالح إلى أداني أرض العرب، ويقتل كل عربي قدر عليه، وفيما ذكره الطبري عن سيف أن رستم والفيرزان هما اللذان رأيا إنفاذ مهران بعد أن طالعا برأيهما في ذلك ابنة كسرى وذلك عندما علما بتوافي أمداد العرب إلى المثنى (الاكتفاء / ٤/ ١٣٩).
قلنا: ولا يشكل هذا الخلاف شيئًا يذكر لأن كلا الراويين أو المؤرخين (سيف والمدائني) اتفقا على قيادة مهران لمعركة البويب مقابل الجيش الإسلامي.
وأخيرًا فإن الروايات التأريخية التي تحت أيدينا تختلف في مسألة إمارة الجيش أكانت للمثنى وحده أم كان المثنى أميرًا وجرير أميرًا، وكلا النوعين من الروايات بتفس الدرجة من ضعف الإسناد أما رواية الحافظ أبو عبيد الفاسم بن سلام وهي صحيحة الإسناد توضح أن ثلاثة من القادة كانوا في ذلك الجيش (أي يوم البويب). وهم خالد بن عرفطة والمثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله - ومن مراجعة أخرى للروايات التي ذكرناها في قسم الصحيح يتبين لنا أن المثنى كان يدير القيادة العامة وأن جريرًا كان رأس الحربة في قيادة المقدمة التي كسرت شوكة العدوّ. ولو راجعنا روايات الفتوح بصورة عامة فإننا نرى أن جيش المدد يكون تحت قيادة الجيش الميداني السابق في أرض المعركة، وإلا فما معنى أن يستقل جيش المدد بنفسه ولا يقبل بإمارة الجيش الأصلي، ولذلك نميل إلى كون الروايات التي سمّت المثنى بن حارثة كقائد عام للجيش أقوى وأظهر والله تعالى أعلم.
ومن الأمور التي تميز بها الإمام الكلاعي في سرده للروايات التأريخية: أنه يقارن أحيانًا بين المصادر ويرجح أحيانًا وهو يقول في هذه المسألة: [والأظهر مما تقدم من الأخبار: أن المثنى كان الأمير في تلك الحرب]. الاكتفاء (٤/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>