القعقاع كلام؛ فبعث به هشام إلى الوليد بن القعقاع، فضربه وحبسه، فقال ابن طَيْسلة:
يا قَلَّ خيرُ رجالٍ لا عقولَ لهمْ ... مَنْ يَعدلون إلى المحبوس في حَلَب
إلى امرئ لم تُصِبْهُ الدّهرَ معْضِلةٌ ... إلا استقلَّ بها مُسْتَرْخِيَ اللبَبِ
وقيل: إن أبا العباس لما وجّه أبا جعفر إلى واسط لقتال ابن هبيرة، كتب إلى الحسن بن قحطبة: إن العسكر عسكرُك، والقُوادَ قوّادُك، ولكن أحببتُ أن يكون أخي حاضرًا، فاسمع له وأطع، وأحسِن مؤازرته، وكتب إلى أبي نصر مالك بن الهيثم بمثل ذلك؛ فكان الحسن المدبر لذلك العسكر بأمر المنصور.
وفي هذه السنة وجّه أبو مسلم محمد بن الأشعث على فارس، وأمره أن يأخذ عمال أبي سملمة فيضرب أعناقهم، ففعل ذلك.
وفي هذه السنة وجه أبو العباس عمّه عيسى بن عليّ على فارس، وعليها محمد بن الأشعث، فهمّ به، فقيل له، إن هذا لا يسوغ لك، فقال: بلى، أمرني أبو مسلم ألا يقدمَ عليّ أحد يدّعى الولاية من غيره إلا ضربتُ عنقه.
ثم ارتدع عن ذلك لما تخوّف من عاقبته، فاستحلف عيسى بالأيمان المحرجة ألا يعلو منبرًا، ولا يتقلدَ سيفًا إلّا في جهاد؛ فلم يَل عيسى بعد ذلك عملًا، ولا تقلد سيفًا إلّا في غَزْو، ثم وجه أبو العباس بعد ذلك إسماعيل بن عليّ واليًا على فارس [٧/ ٤٥٥ - ٤٥٨].
* * *
[ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومئة ذكر ما كان في هذه السنة من الأحداث]
وفيها كتب أبو العباس إلى أبي عون بإقراره على مصر واليًا عليها، وإلى عبد الله وصالح ابني عليّ على أجناد الشأم.
وفيها توجّه محمد بن الأشعث إلى إفريقيّة فقاتلهم قتالًا شديدًا حتى فتحها.
وفيها خرج شُرَيك بن شيخ المهريّ بخُراسان على أبي مسلم ببخارَى ونقم